إذا فرضتم أن شخصا كأمير المؤمنين (سلام الله عليه) يحكم بلداً ما، فإن أهل ذلك البلد عندما يرون سيرته، وحياته، كيف يعيش وكيف هو سلوكه مع المقربين منه، كيف كان أولاده، كيف كانت معيشتهم، أصحابه كيف هم، قومه وأقرباؤه كيف كانوا، خواصه كيف كانوا، عندما ينظر عموم الناس فيرون أن طعام ولباس رئيس دولتهم أدنى من طعامهم ولباسهم، حتى أنه عندما كان يحضر لصلاة الجمعة ولأنه كان لديه قميص واحد فإنه كان يغسله ويلبسه رطباً، وعندما كان يصعد المنبر ليخطب كان يحرك قميصه أثناء خطبته حتى يجف، فعنده قميص واحد، وعندما اشترى قميصين قدم الأفضل لخادمه قنبر حسب ما يذكر التاريخ وأخذ لنفسه الادنى، وعندما وجد أن كمه طويل قصَّره! عندما يرى الناس مثل هذا الإنسان، وهو حاكم على بلاد شاسعة، فإيران كانت جزءا من دولته، ومصر كانت جزءاً من دولته، والحجاز كانت جزءاً من دولته، العراق كانت جزءاً من دولته، اليمن وغيرها أيضاً كانت تابعة لدولته، عندما يرى الناس معيشته يقولون: انظروا إلى حياته البسيطة هذه!. إن مثل هذا الإنسان الذي يرأس دولة بتلك العظمة، عندما عين قاضيا وبحسب ما يذكر التاريخ، حصل نزاع بينه وبين شخص يهودي، وعندما استدعاه القاضي فإنه لم يقل أنا حاكم، حاكم على مثل هذه البلاد الكبيرة وأنت قاضٍ عندي، معيَّنٌ من قبلي، لم يقل ذلك وإنما ذهب وجلس في مجلس القاضي وعندما خاطبه القاضي قائلًا يا أبا الحسن، قال له لا تخاطبني بهذا ولا تجعل فرقاً بيني وبين اليهودي، فأنت قاض ولا يصح أن تميز أحدنا عن الآخر، وعندما حكم القاضي لصالح اليهودي فإنه سلَّم للحكم.
عندما يكون على رأس الدولة مثل هذا الإنسان، سوف تصلح تلك الدولة .. إن الإسلام يريد مثل هذا. ونحن الذين ننادي بالحكومة والجمهورية الإسلامية لاشك بأننا لن نستطيع العثور على مثل هذا الإنسان، وهو نفسه قد قال: لاقدرة لكم على هذا ولكن أعينوني بالتقوى، أعينوني بالسداد والعمل الصالح. (صحيفة الإمام، ج7، ص198)