تهنئة الامام الخميني بمناسبة هروب الشاه
بسم الله الرحمن الرحيم
الى كافة ابناء الشعب الإيراني الشريف والشجاع- أعلى الله حكمتهم ووفقهم الله تعالى.
أبارك لكم يا ابناء شعبنا المضحي هروب محمد رضا بهلوي وهو طليعة انتصار الشعب، وبداية السعادة وتحقيق الحرية والاستقلال.
لقد اثبتم يا أبناء شعبنا الشجاع الثابت للشعوب المظلومة أن بالإمكان التغلب على المشكلات مهما كانت بالتضحية، وتحقيق الهدف مهما كان صعباً. وبرغم أن هذا الظالم هرب من أيدينا بيد ملطخة بدماء شبابنا، وجيب ممتلئ بثروات الشعب، فإنّه سيحاكم باذن الله- تعالى- قريباً، وننتقم للمستضعفين منه، فقطع يد الظالم وكبحه عن مواصلة الظلم على ايدي المظلومين قريب جدا.
لقد رحل، والتحق بحليفته إسرائيل- العدو اللدود للإسلام والمسلمين- وخلّف جرائم وفوضى لا يمكن تلافيها إلّا بعون الله- تعالى- وإرادة جميع طبقات الشعب وتضحية الشرائح المتعلّمة والمثقّفة، في هذه الأيام حيث يبزغ فجر السعادة والانتصار، ألفت نظر عامّة أبناء الشعب الى الملاحظات التالية:
1- على الشباب الغيارى في جميع انحاء البلاد التعاون بكل طاقاتهم مع قوى الأمن التي عادت الآن الى أحضان الشعب للمحافظة على النظام، وأن التصدّي بكل حزم وقوة للأشرار والمنحرفين ومنعهم من اثارة الاضطراب والقلاقل.
2- على أبناء الشعب الاستمرار في التظاهرات والشعارات الثورية المناهضة للنظام الملكي والحكومة الغاصبة، وإن أراد المنحرفون واعداء الإسلام اثارة القلاقل والاضطرابات عليهم ان منعهم من ذلك بشكل حاسم.
على أبناء الشعب أن يعلموا أن كل انحراف وكل شعار يتعارض مع مسيرة الشعب مصدره عملاء الشاه المخلوع والأجانب، أدعو جميع الاشخاص الذين ضلّوا الطريق سابقاً، أوكانوا موالين لبعض المذاهب المنحرفة، العودة الى احضان الإسلام الضامن لسعادتهم، فنحن سنتقبلهم كإخوة لنا.
في هذا الوقت الحساس الذي تحتاج فيه بلادنا المتضررة بالحرب أكثر من أي وقت مضى الى الاتحاد والوفاق علينا أن نسعى لتجنّب أي اختلاف.
3- يتمّ قريباً تعريف الحكومة المؤقتة لتهيئة مقدّمات انتخابات المجلس التأسيسي، و تبدأ اعمالها، وعلى الوزارات أن تستقبل اعضاء هذه الحكومة، وتتعاون معهم بإخلاص، انّني أرى انّه من صالح الوزراء غير الشرعيين اعلان استقالتهم، والالتحاق بمسيرة الشعب.
4- أنصح جميع قوى الامن، والقوات البرية والجوية والبحرية وأصحاب المناصب ومراتب الجيش وقوات الدرك وغيرهم الكفّ عن دعم محمد رضا بهلوي المخلوع الذي لا يمكن ان يعود الى البلاد، وهو يواجه في الخارج كراهية الشعب أيضاً، والانضمام الى صفوف الشعب، فصلاح دنياهم ودينهم في ذلك.
إنّي أقدّم شكري الى جميع الشرائح وحضرات العلماء الاعلام خاصّة في هذه الظروف الحسّاسة، وأدعو الله- تعالى- للجميع السلامة والسعادة، وآمل أن تتحقّق وحدة الكلمة دائماً حتى الإطاحة بالنظام الشاهنشاهي، وإقامة حكومة جمهورية الإسلام...
إن رحيل الشاه عن إيران هو المرحلة الأولى لخمسين عاماً من حكم النظام البهلوي المجرم الذي وقف في وجه النضال العظيم للشعب الإيراني. إنني أبارك للشعب هذا الانتصار المرحلي. سوف أوجه خطاباً إلى الشعب...
إن خروج الشاه أولى مراحل النصر. نحن نواجه مصاعب ومشاكل كثيرة. على الشعب الإيراني أن يعلم أن مجرد رحيل الشاه ليس نصراً، وإنما طليعة لهذا النصر...
أبارك هذه البداية للشعب الإيراني، وأقول بأن هذه البداية ليست مقدمة نصر فحسب، بل هي مقدمة لإنهاء سلطة الأجانب. أعتقد أن هذه المرحلة المباركة هي أعظم من رحيل الشاه، المبارك. نحن الآن نواجه تحديات ومشاكل كثيرة حيث ورثنا بلداً منهاراً بسبب ما خلفه الحكم البهلوي طوال (50) عاماً وما خلفه حكم محمد رضا خان في أكثر من ثلاثين عاماً، أيضاً علينا جميعاً العمل وبتكاتف جميع فئات الشعب من أجل إعادة اعمار البلد.
لقد انتهى زمن الاستبداد العسكري، وإذا استبد أحد، أو قام بانقلاب عسكري فسيفهم بأنه لن يصل لأية نتيجة، ولن ينال لا هو ولا التابعون له سوى العار والذلة. يجب على جميع من يسعى للقيام بأعمال مخالفة للشعب أن يعلم أن أيامهم قد انطوت، وزمانهم قد ولى.
إن الشعب الإيراني لم يَعُد ذلك الشعب الذي كان في السابق. لقد فقدت الدعايات أثرها على هذا الشعب الذي يجب أن يستمر في طريقه، حتى يصل الى غاياته وآماله، وهي قطع يد الاستبداد وايجاد بلاد حرة يتمتع فيها الجميع بالحرية وايجاد بلاد مستقلة لا تستطيع قوة التدخل في شؤونها- ان شاء الله- وستتحقق هذه الأمنية في المستقبل القريب جداً، وسنعلن الحكومة سريعاً.
صحيفة الإمام (الترجمة العربية)، ج5، ص: 326-331