-لو فهموا الآثار التي تركتها أدعية الإمام السجاد (عليه السلام)وكيف أن بإمكانها تعبئة الجماهير وتحريكهم وهو (عليه السلام) الفاقد لتوّه كل أهل بيته في كربلاء والذي عاش في ظل حكومة مستبدة جائرة تفرض هيمنتها على كل شيء لما قالوا لنا ما جدوى هذه الأدعية. ولو أن مثقفينا أدركوا الأبعاد السياسية والاجتماعية لهذه المجالس والأدعية والأذكار لما قالوا: لِمَ تفعلون كل هذه الأمور وتتمسكون بها.
-نفس القيمة التي تمتلكها تضحية الحسين (عليه السلام) عند الله تبارك وتعالى ونفس الدور الذي لعبته في تأجيج نهضته تملكها ــ أو تقاربها ــ خطب السجاد (عليه السلام) وزينب (عليها السلام)أيضاً... فتأثيرها يعادل أو يقرب من تأثير تضحية الحسين (عليه السلام) بدمه.
لقد أفهمنا سيد الشهداء (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، إنّ على النساء والرجال ألا يخافوا في مواجهة حكومة الجور. فقد وقفت زينب (سلام الله عليها) في مقابل يزيد ــ وفي مجلسه ــ وصرخت بوجهه وأهانته وأشبعته تحقيراً لم يتعرض له جميع بني أمية طُراً في حياتهم. كما أنها عليها السلام والسجاد (عليه السلام) تحدثا وخطبا في الناس أثناء الطريق وفي الكوفة والشام، فقد ارتقى الإمام السجاد ــ سلام الله عليه ــ المنبر وأوضح حقيقة وأكد أن الأمر ليس قياماً لأتباع الباطل بوجه أتباع الحق، وأشار إلى أن الأعداء قد شوّهوا سمعتهم وحاولوا أن يتهموا الحسين (عليه السلام) بالخروج على الحكومة القائمة وعلى خليفة رسول الله!! لقد أعلن الإمام السجاد (عليه السلام) الحقيقة بصراحة على رؤوس الأشهاد، وهكذا فعلت زينب (عليها السلام) أيضاً.
-لقد تعلمنا من الحسين (عليه السلام) كيفية النضال والجهاد وكيفية المواجهة بين قلة من الناس وكثرة كاثرة، وكيفية الوقوف بوجه حكومة تعسفية جائرة تسيطر على كل مكان، كيف نقوم بذلك بعدد قليل... هذه أمور علّمها سيد الشهداء (عليه السلام) لأبناء شعبنا، كما أن نجله الإمام السجاد (عليه السلام) وسائر أهل بيته (عليهم السلام) علّمونا ماذا ينبغي عمله بعد وقوع المصيبة، هل ينبغي الاستسلام؟ هل يجب التخفيف والتقليل من النضال والجهاد؟ أم علينا أن نقتدي بزينب (سلام الله عليها) التي حلّ بها مصاب تصغر عنده المصائب فوقفت بوجه الكفر والزندقة وتكلمت وخطبت كلما تطلّب الموقف وأوضحت الحقائق، تماماً كما مارس الإمام علي بن الحسين دوره التبليغي رغم الذي كان يعاني منه.