قال الامام الخمینی(قدس سره) آمل أن يكون هذا العيد مباركاً على جميع الشعوب المظلومة، لاسيما الشعب الايراني النبيل. أسأل الله تعالى أن يلقي نظرة خاصة على هذه الأمة العظيمة الحاملة للواء الا سلام في هذا العصر، وأن يهبها عناية متميزة.ما عساني قائلًا حول شخصية اًمير المؤمنين، وما عسى غيري يقول. يستحيل أن يستوعب البشر أبعاد هذه الشخصية العظيمة حتى لو تكلموا أشهر. من وصل الى مرحلة الكما ل، وكان مظهراً لجميع أسماء الله جل وعلا وصفاته، يجب أن يكون عدد أبعاده مساوياً لأسماء الباري تعالى (أي ألفاً)، وليس بمقدورنا تبيين بعد واحد منها. لقد اجتمعت الأمور المتناقضة في هذه الشخصية، ولايستطيع المرء الإحاطة به والتحدث عنه؛ انطلاقاً من ذلك، الأفضل لي الصمت في هذا الخصوص. لكنّ هناك مسألة يحسن بي تناولها، وهي عبارة عن الإنحرافات التي تعرضت لها الشعوب وخاصة شيعة الامام علي (ع) علىّ مر العصور، والأيادي التي أوجدت تلك الانحرافات والدسائس والمؤمرات على امتداد التاريخ، ومنها ماحدث في السنوات الًاخيرة.لاتعتبر قضية الغدير بذاتها أمراً مهماً لأميرالمؤمنين (ع)، إنّه هو الذي أوجدها. لقد أحدث ذلك الوجود المبارك الذي يعد مصدراً لجميع الأمور قضية الغدير. لاقيمة للغديربالنسبة له؛ ما يملك القيمة هو الامام نفسه، وجاءت قضية الغدير على أثره. لما لاحظ الله تبارك وتعالى أن لاشخص بعد رسول الله (ص) يستطيع إجراء العدالة كما ينبغي وبكل ما للكلمة من معنى سوى ذلك الرجل، أمر رسوله الكريم (ص) بتنصيبه خليفة وقائداً للحكومة الالهية. ولايعد تنصيب الإمام خليفة من مقاماته المعنوية، بل إنّ مقاماته المعنوية الجامعة هي التي أوجدت الغدير. إنّ تبجيل وتقديس يوم الغدير ليس لأجل أنّ الحكومة شيء مهم، تلك الحكومة التييقول بحقها الإمام لابن عباس:» واللهِ لهذهِ النعلُ أحبُّ إليّ من إمرتكُم « «1»، بل كل ما في الأمر إقامة العدل. فلو سنحت الفرصة للامام وأولاده لأقاموا العدل بما يرضي الله، لكنّهم لم يحصلوا على الفرصة الكافية. لايُحيا هذا العيد لإنارة المصابيح في الشوارع وقراءة القصائد والمدائح، فبرغم أنّ هذا جيد ومطلوب، لكنّه ليس المهم في الموضوع.المهم أن نتعلم كيف نقتفي أثر الامام ونحذو حذوه، ونتعلم أنّ الغدير لايختص بذلك الزمان فقط، بل يجب أن يوجد في جميع العصور والازمنة، ونتعلم أنّ النهج الذي سار عليه الامام (ع) يجب أن يكون نهجاً لجميع الشعوب والأمم وقادته وموظفيه. قضية ا لغدير قضية إنشاء حكومة، وهذا من شأنه التنصيب، ولاتستحصل المقامات المعنوية بالتنصيب، لكنّ تلك المقامات التي كان يتمتع بها الامام وشموليتها جعلت منه خليفة وقائداً منصباً من قبل الباري عز وجل، ولهذا نلاحظ اًنّ الصلاة والصيام وأمثالها تأتي عرضاً، والولاية هي المنفذة لها. تلك الولاية التي تعني الحكومة في حديث الغدير لا المقام والمنزلة المعنوية. الإمام أمير المؤمنين (ع) كما قلت فيما يتعلق بالقرآن الكريم بأنّه نزل على شكل منازل مختلفة قد تصل الى سبعين أو أكثر، ثم صار بأيدينا بشكله المخطوط، فالأمير كذلك، ورسول الله (ص) كذلك. فقد طويت المراحل وأنزلوا من ذلك الوجود المطلق والجامع حتى وصلوا الى عالم الطبيعة، واستقر هذا الوجود المقدس وذلك الوجود المقدس وأولياء الله العظام في عالم الطبيعة. بناءاً على هذا، ليس من الصواب اعتبار أنّ حديث الغدير يريد أن يمنح الأمير سمة معنوية أو شأناً خاصاً أو ميزة معينة. الامام هو الذي أوجدالغدير ومقامه الشامخ جعل الله تعا لى يختاره خليفة وولياً. (صحيفة الامام، ج20،ص 96-97)