في ذكرى استشهاد آية الله الشهيد السيد محمد بهشتي
خطاب الامام الخميني بمناسبة فاجعة تفجير المكتب المركزي للحزب الجمهوري بتاريخ 7 تير 1360 ه-. ش/ 25شعبان 1401 ه-. ق واستشهاد آية الله بهشتي و 72 من أنصار الامام الخميني(رض):
بسم الله الرحمن الرحيم
(بهشتي) عاش مظلوماً في هذا البلد
إنني أقدم التعازي بهذه الحادثة الكبيرة إلى الشعب الإيراني وإليكم أيها السادة، أنتم القريبون من السيد بهشتي وكنتم على معرفة بالأفراد الآخرين الذين استشهدوا، إليكم جميعاً وإلى كافة أبناء شعبنا.
ان اساس أعدائكم قائم على أن يوجهوا ضرباتهم إلى من هم أصلح بينكم. ويركزون هجماتهم على من يخافون أن يلحق بهم الضرر في أي لحظة ممكنة وأنا قلت هذا مراراً بأن المرحوم السيد بهشتي عاش مظلوماً في هذا البلد. فقد ركز جميع أعداء الإسلام ومعارضو هذا البلد هجماتهم عليه وعلى أصدقائه بشكل مباشر. فقد حاول المعارضون من خلال أقوالهم في الشارع والسوق وفي البيوت أن يظهروا هذا الرجل الصالح الذي أعرفه منذ أكثر من عشرين عاماً وأعرف داخله وأدرك كم كان مفيداً لهذا البلد، أن يظهروه على أنه ديكتاتور! وأنتم يجب أن تستعدوا لمثل هذه الأمور وما يتبعها من أشياء. فيتوجب على الإنسان إما أن يرضخ للذل وللضغوطات وللسلطة أو أن يتقبل ضريبة أن يكون مستقلًا، ولابد على أمتنا من أن تتحمل نتائج كونها اختارت أن تكون مستقلة وأرادت أن تكون حرة وأن تقطع أيدي المجرمين الجناة عن هذا البلد، وهنا كان خطأ أولئك الجناة حين ظنوا أن إيران وبوضعها السابق وحتى الآن، منذ زمن الثورة، مثل سائر الأماكن وبأنهم لو فجروا القنابل في أماكن مختلفة وقتلوا البعض من أعزائهم وأودوا بهم إلى الشهادة لجعلوا الأمة تتقاعس. مع أنهم لديهم التجربة ومنذ بدء النهضة وحتى الآن اغتالوا العديد من الأشخاص البارزين بيننا، علماءنا ومفكرينا، ولكن الأمة ظلت سائرة على نفس الوتيرة وتقدمت بعزم وتصميم أكبر، فليس الأمر أنهم لو اغتالوا البعض فسيجلس الآخرون ويرضخون، فهذه سنة كانت موجودة منذ صدر الإسلام حيث وقف أولياء الله في وجه المشاكل والمصاعب وعدم الأمان. وربما لم يتألم شخص مثل رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في كافة مراحل عمره من الطفولة والشباب وحتى رحلته كما تعذب الشهيد بهشتي وكما وقف في وجه القوى الكبرى، فقد واجه الجناة ووقف أمامهم ولربما لم يفعل أي شخص هذا طوال عمره وهذا إرث وصلنا من الأولياء، وهذه حادثة وقعت، آمل أن يؤدي هذا الشيء الذي ظنه الأعداء سبباً يجعلنا نتراجع، الى تقدمنا إن شاء الله.
الظلم الذي لحق بالشهيد بهشتي
إن هذه الحادثة المتوقعة (استشهاد السيد بهشتي ومساعديه) كانت بالطبع حادثة أليمة أخذت معها أشخاصاً رهنوا أنفسهم للخدمة، وكانوا خادمين لوطنهم، وكانوا أشخاصاً أبراراً على حد معرفتي بهم، وكانوا أشخاصاً ملتزمين وعلى رأسهم المرحوم الشهيد بهشتي، لقد كنت أعرفه منذ عشرين عاماً أو أكثر بقليل، وكنت على علم بدرجات فضله وفكره والتزامه وتأثيره في الثورة، ولقد كان الشهيد هدفاً للأجانب وأعوانهم طيلة حياته، فقد وجهوا له التهم الشنيعة! وحاولوا أن يقدموا السيد بهشتي على أنه ديكتاتور، وعلى عكس ما كنت أعرفه عنه أكثر من عشرين عاماً فقد حاول هؤلاء الظلمة أن ينشروا الشائعات ضده في أنحاء البلاد وقالوا "الموت لبهشتي"، وأنا كنت أعتبره شخصاً ملتزماً، مجتهداً، متديناً، محباً للأمة، محباً للإسلام ومفيداً لمجتمعنا. ولا تظنوا أن هؤلاء السادة الذين أتوا وأداروا شؤون البلد، كانوا أشخاصاً ليس لديهم طريق سوى هذه المناصب، لقد كان هؤلاء أشخاصاً ملتزمين ومتعهدين وكان لكل منهم مقام بين الناس، وكانوا أصحاب مقامات في علوم الدين، ولم يكونوا من المتحينين للفرص حتى يصلوا إلى مطالب خاصة. ليمنح الله أولئك الذين كانوا يبحثون عن تلبية أغراضهم وأرادوا إبعاد بهشتي وخامنئي ورفسنجاني وأمثالهم عن الساحة شيئاً من الإنصاف لقد استشهد السيد بهشتي ومن معه في هذه الفاجعة التي قام بها عملاء أمريكا ومن كتبوا كتاب "المعرفة" (المعرفة، أحد الكتب التي نشرتها زمرة المنافقين لتبيين خط سيرها ورؤيتها للعالم) ومن قرأ كتابهم هذا يعرف بأنهم أناس لا يملكون أي شيء من المبادئ الإسلامية، لقد سارع هؤلاء الشهداء إلى ربهم ونحن إن شاء الله بهم لاحقون.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج14، ص: 404