في تقرير لمراسل موقع الامام الخميني (قدس سره) (1)، ان الحرب التي شنها النظام الصدامي البائد، لمدة ثمان سنوات ضد ايران، انتهت، رسميا، بقبول قرار رقم 598 مجلس الامن الدولي، التابع للامم المتحدة، في السابع والعشرين من الشهر الرابع، عام 1367 ه. ش. (1988م )، من قبل ايران، وبالنظر لما كان يتمتع به الامام الخميني (قدس سره) من صلابة، صمود، شجاعة وحصافة راي، يبدو للوهلة الاولى، ان قبول القرار المذكور مستحيل! لكن مصلحة الاسلام، هي الاولوية وفوق كل شيئ ... هذا ما جعل سماحته يركن الى قبول ذلك وانهاء الحرب، وقد المح الى ان نظره كان شيئا اخر، وانه، اليوم، يتعامل مع الله تعالى من اجل مصالح المسلمين، وكان (صلح الحديبية) وما قام به النبي (ص) نصب عينيه، رغم ان اتباع النبي الاعظم (ص)، كانوا يرون في ذلك عارا وذلة ! وقد رد القران الكريم عليهم، مخاطبا رسوله الاكرم (ص) : " انا فتحنا لك فتحا مبينا ... " _ (2). ما يلي، مقتطفات مما تحدث به الامام الخميني (قدس سره) :
"واما بالنسبة لقبول القرار 598 الذي كان حقاً أمراً قاسياً للغاية ومؤلماً للجميع لا سيما بالنسبة لي إذ أني والى ما قبل أيام معدودة كنت اؤمن بهذا النهج للدفاع والمواقف المعلنة في الحرب، وكنت أرى مصلحة النظام والبلد والثورة في ذلك. ولكن وبسبب ما استجد من أحداث وعوامل أخرى امتنع في الوقت الحاضر عن ذكرها وستتضح في المستقبل بعون الله، ومع الأخذ بنظر الاعتبار آراء كبار الخبراء السياسيين والعسكريين في البلاد ممن أثق بالتزامهم وصدقهم وإخلاصهم؛ قبلت القرار ووقف إطلاق النار. إذ أني اعتبر ذلك في الظرف الراهن لصالح الثورة والنظام. ويعلم الله لو لم يكن واقعنا جميعاً التضحية بأنفسنا وعزتنا ومصداقيتنا على طريق مصلحة الإسلام والمسلمين، لما قبلت ذلك أبداً، ولكان الموت والشهادة بالنسبة لي أعذب بكثير. ولكن ما الحيلة حيث يجب علينا جميعاً التسليم لرضا الحق تعالى. ولا شك أن الشعب الإيراني كان الشجاع البطل وسيبقى كذلك... فمن الممكن أن يلجأ البعض، عن وعي أو بوحي من جهلهم، إلى تأجيج مشاعر الناس من خلال إثارة هذا التساؤل: أين أضحت ثمرة كل هذه الدماء والشهادة والإيثار؟
لا شك أن أمثال هؤلاء لا علم لهم بعوالم الغيب وفلسفة الشهادة، ويجهلون بأن الذي يتوجه للجهاد من أجل رضا الله تعالى فحسب، ووضع روحه على طبق من الإخلاص والعبودية، ليس بوسع حوادث الدهر أن تسيء إلى خلوده وبقائه ومنزلته الرفيعة. وكي يتسنى لنا ادراك قيمة وعظمة النهج الذي اختطه شهداؤنا، لا بد لنا من طي طريق طويلة وان نبحث عن ذلك في رحاب الزمن وتاريخ الثورة وأجيال المستقبل...هنيئاً للمعاقين والأسرى والمفقودين وأسر الشهداء المعظمة. وتباً لي الذي بقيت حتى هذه اللحظة وشربت كأس السم بقبول القرار. واني اشعر بالخجل أمام عظمة وتضحيات هذا الشعب العظيم. وتعساً لمن تخلف عن هذه القافلة .. تعساً للذين مروا حتى الآن من أمام هذه المعركة الكبرى للحرب والشهادة والامتحان الإلهي العظيم، إما صامتين، أو لا إباليين، أو منتقدين وغاضبين...أجل، بالأمس كان يوم الامتحان الإلهي وقد مضى. وغداً امتحان آخر في طريقه إلينا. وفي انتظارنا جميعاً يوم الحساب الأكبر...أقول مرة أخرى أن قبول القرار كان بالنسبة لي أمرّ من الزهر. ولكني راضٍ برضى الله. وقد تجرعت ذلك من أجل رضاه. وما ينبغي التنويه إليه هو أن المسؤولين الإيرانيين هم وحدهم الذين توصلوا إلى هذا القرار بناء على قناعاتهم، ولم يكن لأي شخص أو بلد دور في ذلك....واعلموا بأني لست بعيداً عن أجواء الحرب والمسؤولين عنها. بل أن المسؤولين عنها موضع ثقتي، فلا تشمتوا من الذين اتخذوا هذا القرار، لأنه كان صعباً ومؤلماً بالنسبة لهم أيضاً ..." (صحيفة الامام، ج21،ص 86-89)
1- من كتاب، الامام الخميني (قدس سره)، لاية الله هاشمي رفسنجاني، ص 326_ 330، بتصرف.
2- الاية 1، الفتح.
______
القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره) .