بسم الله الرحمن الرحيم،
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
يا مقلّب القلوب والأبصار، يا مدبّر الليل والنهار، يا محوّل الحول والأحوال، حوّل حالنا إلى أحسن الحال.
أبارك بعيد النوروز وحلول العام الجديد لأبناء وطننا الأعزاء جميعاً، ولا سيما عائلات الشهداء، وعائلات الجرحى، والجرحى أنفسهم، والمضحين جميعاً، كما أبارك بهذا العيد للشعوب جميعاً التي تحتفل بعيد النوروز.
يتصادف عيدنا هذا العام مع الأعياد الشعبانية، فنتمنى أن يكون لهذا بركات مادية وروحية كثيرة على عامنا الجديد، و[سنة] 1400 مباركة بأنها تحتوي على يوْمَي النصف من شعبان، وسوف يحتفل النّاس مرتين في هذا العام بولادة وليّ الله الأعظم، أرواحنا فداه.
انتهى عام 99 (1399 ه. ش.) بأحداث مختلفة وأحياناً غير مسبوقة. من تلك الأحداث التي لم يسبق لها مثيل حقاً وكانت غير مألوفة لشعبنا ظاهرة «كورونا» التي أثّرت بطريقة ما في حياة الشّعب كافة تقريباً، سواء الأعمال التجارية والبيئات المدرسية والاجتماعات الدينية ومسألة السفر والرياضة، كما أثّرت في القضايا الأخرى في البلاد، ووجّهت ضربة قاسية إلى العمَل في البلاد.
بالطّبع، الأكثرُ مرارة من هذا موتُ عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الأعزاء، ما يعني أن عشرات الآلاف من العائلات صاروا ذوي غصّة وحرقة. من هنا، أغتنم هذه الفرصة لأقدّم التّعازي إلى تلك العائلات العزيزة جميعاً، وأعبّر عن مواساتي لهم. نرجو أن يمنّ الله عليهم بالصّبر والأجر، وأن يشمل المتوفّين برحمته ومغفرته.
كان 1399 عاماً لظهور قدُرات الشّعب الإيراني أيضاً، مثلما في مواجهة هذا الاختبار العظيم، أي «كورونا». وللإنصاف، أظهر شعبنا العزيز، من المجامع الطّبية والصّحية إلى الباحثين والعلماء، إلى الأفراد والجماعات الجهادية والخدميّة، أظهروا قدرات كبيرة في إدارة هذه الحادثة المُرّة، وذلك تحت الضغط من العدوّ بالحدّ الأقصى في زمن الحظر. فرغم الحظر، وقطع الطّرُق المختلفة على استخدام الإمكانات في الخارج... كان شعبنا وعلماؤنا وأطبّاؤنا وممرّضونا ومسعفونا والعاملون في مختبراتنا وفي أقسام الأشعّة، هؤلاء الذين شاركوا في علاج الناس، إنصافاً كانوا قادرين على ترك ذكرى لتجربة عظيمة، وإظهار قدُراتهم العظيمة.
كذلك، أظهر الشّعب الإيراني قدرته على مواجهة الضّغط من العدوّ بالحدّ الأقصى. كانوا ينوون – [أقصد] أعداءنا وفي مقدمهم أمريكا - أن يجثوَ الشّعب الإيراني على ركبتيه بهذا الضّغط بالحدّ الأقصى. واليوم هم أنفسهم يقولون ورفاقهم الأوروبيون بصراحة إن الضّغط بالحدّ الأقصى قد أخفق. نحن كنّا نعلم أنه سيُخفق، وأننا عازمون على هزم العدو في هذا الصدد. كنّا نعلم أنّ الشّعب الإيراني سيصمد. لكنهم اليوم يعترفون بأنّ هذا الضّغط بالحدّ الأقصى قد لاقى الهزيمة.
حسناً، كان الشِّعار لعام 99 هو «الطفرة في الإنتاج». إذا رغبتُ في إجراء تقييم، بناءً على التقارير المتعدّدة، الشّعبية والحكومية، ومن الأجهزة المختلفة، إذ تصلنا تقارير من جهات مختلفة، إذا كنت أرغب في إجراء تقييم بناءً على هذه التقارير، لا بدّ لي من القول إن هذا الشِّعار إلى حدٍّ ما، إلى حدٍّ ما، تحقّق بمستوى مقبول.
أي تحقّقت الطفرة في الإنتاج في أجزاء من البلاد، وفي أجزاء متنوّعة من قضايا البلاد، مع أنها لم تكن بالحدّ المنتظر. أي في الأماكن التي تحقّق فيها هذا الشعار، وقد كان في أحيان كثيرة في البنية التحتية والإعمار وما شابه، لم تكن النتيجة مشهودة في الاقتصاد العام للبلاد ومعيشة الناس. أي لم تكن هذه الحركة محسوسة. لقد كنّا ننتظر أنْ تخلق الطفرة في الإنتاج انفراجاً في وضع الناس.
طبعاً «الطفرة في الإنتاج» شعار ثوري بالمعنى الحقيقي للكلمة. إنه شعار مهم. إذا حدثت الطفرة في الإنتاج بطريقة صحيحة في البلاد، وهي ستحدث، إن شاء الله، سيكون لها تأثيرات اقتصادية عميقة في البلاد وقيمة العملة وسائر القضايا الاقتصادية الرئيسية. إضافة إلى ذلك، ستوجب الثقة بالنفس الوطنية والرضا العام للناس، وضمان الأمن الوطني. أي الإنتاجُ ذو الطفرة في البلاد، إذا حدث، إن شاء الله، ونأمل أن يحدث، سوف تتحقّق به هذه المضاعفات المهمة والفوائد العظيمة.
حسناً، لماذا لم يحدث هذا بالكامل عام 99؟ بسبب الموانع من جهة، وفقدان الدّعم للإنتاج في القطاعات جميعاً من جهة أخرى. أي يحتاج الإنتاج إلى الدعم القانوني والحكومي اللازمين، وأيضاً إلى إزالة الموانع من طريق الإنتاج.
الآن، على سبيل المثال، عندما تفترضون أن معملاً يعمل بنصف قدرته، يعمل بـ30-40% مثلاً من قدرته، أو أنه معطّل بالكامل، ثم بهمّة عدد من الشباب، مثلاً، يبدأ هذا المعمل العمل، بالتشجيع وما إلى ذلك، فيبدأ هذا المعمل الحركة، وبعد وصوله إلى الإنتاج يرى المرء فجأة أن المنافس لهذا المنتج يدخل البلاد من الخارج بطريقة ما، إما على أيدي المُهرّب الخائن، وإما – للأسف - بالطرق القانونية، وبسبب ضعف الضوابط القانونية.
بالطّبع، هكذا لا يتم تشجيع هذا الإنتاج. هذا عائق أمام الإنتاج. أي ما يجري فعله، في الواقع، يُخفق. أو أيضاً غياب الحوافز، مثل غياب حوافز الاستثمار. الاستثمار في الإنتاج يحتاج إلى حوافز. يجب تشجيع أولئك الذين يمكنهم الاستثمار على ذلك، وأن يكون وضع الأعمال في البلاد على نحو يشجّعهم على دخول هذه الأعمال، أو ألّا تزيد تكلفة الإنتاج عليهم، وهو ما لم يحدث، للأسف. أي، لم تؤخذ التوجيهات اللازمة. لم تكن هناك مثل هذه الحوافز، ولم يُفكَّر في تكاليف الإنتاج.
في إحدى السنوات، ربّما لم تكن 99، ربّما قبل 98، كانت التكلفة للمُنتِج أعلى من التكلفة للمستهلِك. حسناً، هذه بعض الأشياء التي تُعيق تطوّر الإنتاج. حسناً، لذلك بدأنا في 99 هذه الحركة الثورية بطريقة عام 1400، الذي يبدأ من لحظة بدء السنة، هو في الواقع وبحساب ما دخولٌ إلى القرن الجديد. في الواقع، سيبدأ قرن جديد. لذلك، يجب النظر إلى قضايا البلاد من منظور بعيد المدى. ولا بدّ من احتسابها بمنظور بعيد المدى.
هذا العام، 1400، عام حسّاس ومهمّ، بسبب الانتخابات التي ستُجرى بدايته، في خرداد 1400 (يونيو/حزيران 2021). أمامنا انتخابات مهمة، ويمكن أن يكون لها تأثير كبير في أوضاع البلاد وأحداثها ومستقبلها. ستأتي إدارات جديدة إلى رأس العمل، وربما مفعمة بالحيوية، فتدخلُ البلاد بدوافع متنوّعة وقويّة، إن شاء الله، وتدخل في الإدارة التنفيذية لها.
لذا، تجعل الانتخابات هذا العام مهمّاً وحسّاساً للغاية من جهة، وسأتحدث عن الانتخابات في خطاب لاحق، بالطّبع. سأكتفي هنا بهذا القدر. من جهة أخرى، أيضاً الإنتاج عام 99 قد تحرّك إلى حدّ ما. أنتجت الطفرة في الإنتاج حركة ما. هذا العام، 1400، فيه أرضية جيدة لازدهار الطفرة في الإنتاج. يجب الاستفادة من هذا إلى أقصى حد. لا بدّ من متابعة هذه الحركة بجدية، ويجب تقديم كل الدعم القانوني والحكومي من الجهات جميعاً إلى «الطفرة في الإنتاج»، ولا بدّ من فعل ذلك سواء إلى حين بقاء هذه الحكومة في الحكم، أو مع الحكومة المستقبلية وبداية تسلّمها، إذ يجب أن تضع جهدها لإزالة العوائق وتقديم الدّعم اللازم، وإن شاء الله، ستكون «الطفرة في الإنتاج» بالمعنى الحقيقي للكلمة في هذا العام.
لذلك، نظّمت شعار العام على هذا النحو: «الإنتاج، الدّعم، إزالة الموانع». هذا الشِّعار هو: «الإنتاج، الدّعم، إزالة الموانع». يجب أن نجعل الإنتاج محور عملنا، وأن نقدم الدّعم اللازم، وأن نزيل الموانع من طريق الإنتاج. نرجو أن يتحقّق هذا الشِّعار على النحو المطلوب باللّطف الإلهي. وسوف أتحدث في خطاب لاحق في هذا الشأن، إن شاء الله، وبشأن الانتخابات أيضاً.
أتمنى أن تكون الرّوح المطهرة لإمامنا [الخميني] العظيم (قده) والأرواح الطيّبة لشهدائنا العظيمي الشأن راضية عنا ومسرورة، وأن يكون هذا العام عاماً مباركاً للشّعب الإيراني، وأن يدعو وليّ العصر - أرواحنا فداه - للشّعب الإيراني ومسؤولي البلاد وأفراد النّاس، وأن يمنّ على الشّعب الإيراني بفضله، وإن شاء الله، أن يستمرّ بلطفه واهتمامه بالشّعب الإيراني كما في السّابق.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر:موقع سماحة قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي