عندما جاءالامام الی مدينة النجف الاشرف، اتفق الاصدقاء وطلبنا من الامام أن يباشر دروسه في حوزة النجف، إلاّأنه رفض.. أن سياسات السافاك المغرضة كانت تتمحور حول نقل الامام من منفی الی آخر. وكان النظام يريد نقل الامام من تركيا الی النجف، لأن فيالنجف يوجد اساتذة كثر للفقه، وبالتالي يصبح الامام هناك غريباً من هذه الناحية ويتم التموية علی ابداعاته و بروزه العلمي، لعلّ الشعب الايراني يتخلی عن سماحته و يتناساه.. كان السافاك يسعی الی تنفيذ هذا المخطط ، بيد أن الامام ومن خلال إدراكه لما يحاك ضده، اعتبر نفسه كأحد طلبة العلوم الدينية بمجرد وصوله الی النجف الاشرف. ولازلت أتذكر كيف أن الكثیر من الاصدقاء يومئذ كان يتألمون لذلك وقد انتابتهم حالة عجيبة من الاحباط.. أن شخصيةبهذه العظمة، التي استطاعت بخطاباتها أن تحفز شعباً كاملاً علی التحرك والنهوض، وأن تزلزل نظاماً مستبداً يحظی بدعم الشرق والغرب، كيف ترتضي لنفسها أن تكون كاحد طلبة العلوم الدينية بعد وصولها الی النجف. ولهذا عندما التقينا الامام لأول مرة طلبنا من سماحته أن يباشر دروسه وابحاثه، حتی أننا قلنا له بأن درس (مكاسب) الذيكنت تدّرسه في ايران وفي الحوزة العلمية بقم، لم يكتمل ويمكن المباشرة هنا فياستكماله. فردّ علينا بالقول: أنا في النجف لست سوی احد الطلبة، وأن واجبي فيالنجف يختلف عن واجبي فيايران.
(آية الله عباس علي عميد زنجاني،مقتطفات من سيرة الامام الخميني،ج5، ص160).