ولدت السينما الايرانية من جديد، بجملة تاريخية لمؤسس الجمهورية الاسلامية... فاضافة الى المحبوبية الداخلية، اصبحت تتمتع بقبول عالمي.
في صباح الرابع والعشرين من شهر بهمن عام 1357 هـ.ش (13/2/1979 م)، لفت انظار المادة في ساحة الثورة مشهد عجيب! ففي الوقت الذي كانت فيه دور السينما مغلقة او محترقة بأيدي الثوار، عدة اشهر قبل انتصار الثورة، بدأت سينما سنترال (السينما المركزية) اليوم، بممارسة نشاطها!.. عند نافذة البطاقات، كانت عبارة الامام الخميني (قدس سره) المعروفة، تلوح للأنظار "لانعارض السينما، اننا نعارض الفحشاء". بالاستناد على جملة الامام التاريخية هذه، فتح مدير السينما الابواب بعد يومين من انتصار الثورة وبدأ بعرض فلم (الساعة25)، باخراج هنري ورنوي. خلال الايام الملتهبة للثورة، شتاء57 هـ.ش (1979 م) كان بعض الثوار يعتبرون السينما فيعداد الملاهي وحانات بيع الخمور! لهذا فقد احترق عدد من دور السينما في العاصمة والمدن بنار غضب الناس! على هذا، فقد تصور الكثير، انه بانتصار الثورة، سوف لاتكون هناك سينما! إلاّ ان كل ذلك انهار بعبارة قالها الامام الخميني في (جنة الزهراء –ع-).."لانعارض السينما، اننا نعارض الفحشاء". ولدت السينما من الجملة اعلاه، بعد الثورة الايرانية... السينما التي ابتعدت عن الاباحة والعنف لكاملين هامين وثابتين للجذب وركزتين لانتاج الأفلام في العالم.. واحلت مكانها العلاقات الانسانية والمعايير الاخلاقية.
لقد ولدت السينما الايرانية الحديثة، بصورة رسمية، في الثمانينات بمسعى منتجين شباب، اتاحت لهم الثورة، الظهور، وبمسعى عدد من المخرجين ذوي تجربة وعمل مقبول. هذه السينما، اطلق عليها الغربيون الذي لم تكن لديهم فكرة صحيحة حول الجو الثقافي الايراني بعد الثورة، اطلقوا عليها سينما (آيت الله!).. الفكرة التي سرعان ما انهارت بصورة كاملة بعرض افلام كـ : "الطرق الباردة" لمسعود جعفري جوزاني و "العَدّاء" لأمير نادري مما ادى الى المجاب مدراء المهرجات العالمية المعتبرة بسينما ايران الانسانية- الاخلاقية، التي استمرت بنشاطها رغم ظروف الاعتداء العسكري العراقي خلال الثمانينات، والى جانب توريد الاسلحة، قم توريد ال (نكاتيف) ايضاً، بأمرمباشر من ذوي المناصب السياسية العليا، حيث استطاعت السينما في ايران الحصول على محبوبية داخلية وكذلك قبول عالمي. ان ما كشفه المخرج عباس كيارستمي، بداية التسعينات، كان حدثاً هاماً. فالمسار الذي بدأ في الثمانينات وصل الى القمة في التسعينات، حيث فاز فلم "طعم الكرزات" لـ: كيارستمي بجائزة النخل الذهبية في (كن) وشق فلم "اطفال السماء" لـ: مجيدي، طريقه الى قائمة مرشحي الـ "اوسكار" كأحسن فلم ناطق بغير الانكيلزية.
وبالتدريج استطاعت السينما الايرانية ان تصبح اهم سفير ثقافي للجمهورية الاسلامية، السينما التي تعرضت لعواصف سياسية وتضررت خلال ذلك، إلاّ انها استطاعت تجاوزها اخر المطاف، لتكون نموذجاً يُضرب به المثل لسائر الدول وذلك لانفتاح سماء الثقافة والابداع بالنسبة للسينمائيين الشباب اكثر فاكثر، باتخاذ مواضيع انسانية، اجتماعية وسياسية، بصراحة وبشكل فني. إن سطوع اصغر فرهادي بحصوله على جائزتي (اوسكار) من مُعَمِّري (هوليود) وممثلي الافلام غير الانكيلزية المرموقين –خلال اهم مهرجان سينمائي في العالم، بانتاجه "انفصال نادر عن سيمين" و"البائع" الخالدين، يعتبر قمة نجاح السينما الاخلاقية في ايران بعد الثورة. السينما التي وُلدت بعبارة تاريخية للامام الخميني (قدس سره)، تفكر اليوم بفتح العالم!