خميس القطيطي: ايران.. انتصار استراتيجي. وماذا بعد؟

خميس القطيطي: ايران.. انتصار استراتيجي. وماذا بعد؟

خميس القطيطي

تحدثنا في مقال سابق عن المواجهة بين جمهورية ايران الاسلامية والكيان الغاصب المدعوم دوليا وتشخيص تلك المواجهة وأشكالها وما اسفرت عنه من انتصار كبير حققته ايران على أعدائها بعد مخطط خداع كبير كان يهدف الى اسقاط النظام برمته وتغيير شكل البلاد من مقاوم مع القضايا العادلة الى نظام يدور في الفلك الغربي لكنها أي (ايران) التي لم تتوقع قوى العدوان قدراتها ودولتها العميقة التي وظفت كل الامكانات بتوجيه درس في معنى الكرامة واستيعاب تلك الضربة المزدوجة استخباريا – عسكريا وذلك الرد المتأني المتصاعد الذي شكل انتصارا كبيرا أخرج الوطن الايراني أقوى مما كان بأصالة شعبه واستعداده لدفع التضحيات ومواجهة الاعداء وما زال الشعب في ايران والدولة عموما تعيش في ظلال ذلك النصر العزيز .

حالة المواجهة اليوم بين حق ايران في امتلاك كل برنامج علمي تقني طموح يعتمد على الذات الايرانية وبين قوى الامبريالية التي تسعى الى منع ايران وأي بلد آخر لا ينتمي لتلك الامبريالية الصفراء. مازالت ايران تسجل انتصارات معززة بعمق الايمان بقضيتها وحقها ومصالحها العليا، ولم ولن يسقط أي مشروع وطني في أي وطن معززا بتلك الجوانب المعنوية ويسير قدما للامام نحو التطوير مبرزا امكانياته محافظا على استقلالية قراره معتمدا على نفسه داعما للقضايا العادلة مقاوما للاعداء بكل ما لديه من عناصر قوة تجعل الاعداء يتراجعون أمام حجم الاستعداد والتمسك بتلك المشاريع الوطنية الكبرى وفي التاريخ دروسا بليغه .

اليوم وبعد تراجع أهداف العدوان وتراجع قوى العدوان لا يعني أن المواجهة قد انتهت باعتبار أن اهداف المواجهة هو اسقاط أي دولة أو وطن يسعى لتعزيز قدراته الوطنية ويعتمد على نفسه علميا وتقنيا ولديه نهج سياسي مختلف هذه الاوصاف سجلت في معامل القرار السياسي الدولي باعتبارها دول مارقة وصنفت كأعداء وضع عليها عقوبات متنوعة سياسية واقتصادية ومالية في محاولة لاضعاف تلك القدرات أو انتظار مخططا آخر لاسقاطها من الداخل أو بأي شكل من الاشكال؟! لكن كل خطوط العدوان فشلت أمام الارادة والتصميم والقوة الايرانية، وبالتالي فإن ما حدث يعتبر جولة في إطار الصراع الايراني – الصهيوني. والسؤال هنا هل التاريخ والظروف تخدم قوى العدوان؟ ما تحقق في السابق لقوى العدوان أعتقد ليس بالامكان أفضل مما كان ولا يعني أيضا أن قادة ايران سيضعون وسادة من حرير مبتهجين بما تحقق بل يدركون جيدا أهمية المواجهة وحدة الصراع ويتوقعون مخططات جديدة للاعداء بمختلف الاشكال وما حدث من اختراق هو درس كبير استفادت منه ايران ووجهت رسائل ردع وانذار للعدو بأن الرد القادم لن يكون كما كان في الجولة السابقة رغم الدمار الشديد الذي وقع فيما يسمى (اسرائيل) وقد تكون المواجهة القادمة تصنف في موازين الرعب والردع الاستراتيجي وتدمير المواقع الحساسة والخطيرة في تل ابيب وحيفا وديمونا .

وعودة الى السؤال هل التاريخ في صالح قوى الاستكبار الدولي؟ أعتقد أن ظهور اقطاب دولية واحداث توازن دولي في المرحلة القادمة كفيلا بتراجع الامبريالية الغربية التي مكثت لعقود تصاعدا تقودها القوة الامريكية والولايات المتحدة نفسها تدرك خطورة التورط في حرب استنزاف تكلفها التنازل عن مقعد الصدارة وتعلم ان القوى الدولية المتربصة بها تنتظر ذلك وبالتالي فإن أي انسياق مع حماقات الكيان الصهيوني هو مجازفة خطيرة خارج سياق التاريخ وفي الوقت الضائع والدول الاخرى تدرك هذه المسلمة البديهية فالولايات المتحدة اليوم لا تسعى للدخول في مواجهات تستنزفها إلا في حالة واحدة فقط عندما تجد نفسها لا مفر من تلك الحرب وحيتها لن تكون حربا اقليمية بل عالمية تشكل معالم جديدة لعالم قطبي جديد بتظام دولي آخر.

ايران اليوم أقوى مما كانت وقد وضعت حسابات لكل شيء بدليل تجنيب مشروعها النووي الضرر جراء تلك الضربة المباغته من خلال نقل اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزية الى مواقع أكثر أمنا وتباعد المواقع الايرانية الحساسة واحتياطات الامان المحيطة بها لذا فإن برنامجها النووي لم يتأثر، ولديها برنامجها الصاروخي المطور الذي يمثل مركز الثقل الاستراتيجي وهو ما يجسد قدرات الردع الايرانية كما أن لديها برنامج الطائرات المسيرة وهي لا تحتاج الى البرنامج النووي عسكريا، وحتى لو تصعدت المواجهة نوويا فإن الردع الاستراتيجي لديها كفيلا بتدمير كل ما يسمى (اسرائيل) فايران قد أعدت العدة لذلك الان، وبعد تطهير ايران من عملاء الداخل أصبحت أكثر منعة وأمنا وهي متحرزة لكل المخططات المعادية وتمتلك مشروعا وطنيا مقاوما يمكنها من الدفاع عن مصالحها العليا بإذن الله .

كاتب عُماني

------------

القسم العربي ، الشؤون الدولية ، نقلا عن صحيفة : رأي اليوم .

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء