الإمام الخميني (قدس سره) والثورة الحسينية (القسم الأول)

الإمام الخميني (قدس سره) والثورة الحسينية (القسم الأول)

إن دم سيد الشهداء هو الذي حرّك دماء الشعوب الإسلامية وإن مواكب عاشوراء هذه هي التي تثير الناس وتهيئي الناس لأجل الأسلام وحفظ الأهداف الإسلامية. يجب ألا يتم التقاعس‏في هذا الأمر ولابد كذلك من ذكر الأحداث الجارية.

مع حلول شهر محرم، بدأ شهر الملاحم والشجاعة والتضحية، الشهر الذي انتصر فيه السيف على الدم، الشهر الذي أدانت فيه قوة الحق الباطل الى الأبد، ووصمت جبهة الظالمين والحكومات الشيطانية بالباطل، الشهر الذي علّم الاجيال طيلة التاريخ طريق الانتصار عليالحراب، الشهر الذي سجل هزيمة القوى الكبرى أمام حكمة الحق، الشهر الذي علمنا إمام المسلمين فيه طريق محاربة الظالمين، الطريق الذي يجب أن تتغلب بموجبه قبضات الأحرار والمطالبين بالاستقلال على الدبابات والرشاشات وجنود إبليس، وتمحو حكومة الحق الباطل، لقدعلمنا إمام المسلمين أن ننهض ونستنكر إذا ما حكم طغاة العصر المسلمين بجور حتى وإن لم تكن قواكم متحدة، وأن نضحي ونقدم الدماء إذا رأينا كيان الإسلام في خطر.

والآن وقد أصبح شهر محرم كالسيف الالهي بيد جنود الإسلام وعلماء الدين المعظّمين والخطباء المحترمين، وشيعة سيد الشهداء- عَليهِ الصلاة والسَلام- فإن عليهم أن يستغلوه الاستغلال الأمثل، ويجتثوا بالانكال على القوة الالهية الجذور المتبقية من شجرة الظلم والخيانة هذه، فشهر محرم هو شهر هزيمة القوى اليزيدية والحيل الشيطانية، وليقيموا مجالس تأبين سيد المظلومين والأحرار التي هي مجالس تغلُّب جنود العقل على الجهل، والعدل على الظلم والأمانة على الخيانة، والحكومة الإسلامية على حكومة الطاغوت، وليرفعوا أعلام عاشوراء الدموية علامة لحلول يوم انتقام المظلوم من الظالم‏.

صحيفة الإمام، ج‏5، ص: 50

                  

فلسفة ثورة عاشوراء:

قام سيد الشهداء- سلام الله عليه- بعدد من أصحابه وذوي رحمِه ومخدَّراته بالثورة، ولأن قيامه كان لله دَمَّر سلطان ذلك الخبيث.

قُتِلَ في الظاهر، لكنه قضى على أساس الملك الذي كان يُريد أن يجعل الإسلام مُلكاًطاغوتيا.

فخطر معاوية ويزيد على الإسلام لم يكن في أنهما غصبا الخلافة، فهذا أقل من ذاك.

خطرهما كان في أنهما كانا يريدان أن يجعلا الإسلام ملكاً عضوضاً.

كانا يريدان أن يُحيلا المعنوية إلى الطاغوت، ويجعلاها نظاماً مستبدّاً بدعوى أنهما خليفتا رسول الله.

هذا هو الخطر الذي كان هذان الاثنان يريدان أن يضربا به الإسلام، أو ضرباه بمالم يضربه به السابقون.

كان هذان يرميان إلى اجتثاث الإسلام من جذوره، فكان السلطان والخمر والقمار في مجالسهما.

خليفة رسول الله وفي مجلسه الخمر والقمار؟ وكان الخليفة يصلي ويؤم الناس في صلاتهم.

هذا هو الخطر الكبير على الإسلام الذي رفعه عنه سيد الشهداء.

لم تكن القضية غصب الخلافة، فثورة سيد الشهداء- سلام الله عليه- كانت ثورة على السلطان الطاغوتي الذي كان يريد أن يصبغ الإسلام- لو كان يستطيع- صبغة تُحيلُه إلى شي‏ء آخر مثل نظام 2500 سنة من الحكم الملكي.

الإسلام الذي كان قد جاء للقضاء على التسلط وأمثال هذه الأنظمة، ويقيم في الدنيا حكماً إلهياً، كان يريد أن يهزم الطاغوت، ويجعل (الله) مكانَه.

كان أولئك يريدون أن يرفعوا (الله) ويجعلوا الطاغوت مكانَه، وتلك هي قضايا الجاهلية الأولى.

فاستشهاد سيد الشهداء- سلام الله عليه- لم يكن هزيمة، لأنّ القيام لله ليس له هزيمة.

يقول الله- تبارك وتعالى-: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ).

فالرسول الأكرم واسطة، والله واعظ، والأمَّة متّعظة.

والموعظة واحدة لا أكثر هي أن تقوموا لله عندما ترون دينه في خطر.

فأمير المؤمنين كان يرى دين الله في خطر إذ رأى معاوية يقلبه، فقام لله، وسيد الشهداء ايضاً قام لله على هذا النحو.

كلما رأيتم الإسلام في خطر قوموا لله، وهذه موعظة ليست لزمان دون زمان، فموعظة الله دائمة.

في كل حين رأيتم أعداء الإسلام المخالفين للنظام الإنساني الإلهي يريدون قلب أحكام الإسلام باسمه، ويعملون على حطمِه باسم الإسلام، وجب عليكم القيام لله.

ولا تخشَوا قائلين: ربما لا نستطيع، رُبّما نُهْزَم، فليس فيه هزيمة.

صحيفة الإمام، ج‏8، ص: 14

-          القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره).

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء