بسم الله الرحمن الرحيم
كان سماحة الامام، يؤكد باستمرار، على الوحدة والابتعاد عن الاختلافات، ولم ير ان وحدة كافة شرائح الشعب على مسار الاهداف الرفيعة المنشودة ، وحدة الحوزة والجامعة، وحدة الشيعة والسنة و..... ، لم ير ان نظرية الوحدة والتضامن، بتنوع واتساع تشكيلات الناشطين السياسيين، على النقيض من ذلك، او انها منافية للوحدة ورص الصفوف. فقد كان الدور البارز للامام الخميني(قدس سره) ، منح مقارعة الشعب الايراني الكريم للاستبداد والاستعمار، خلال ما قام به في فترات شتى ، وخلال نهضة الامام الخميني ، التي امتدت لخمسة عشر عاما، منح ذلك صبغة اسلامية وشعبية ، حيث عرض هاتين الميزتين ، امام التيارات المتمايلة نحو النخبة والكفاح المسلح ... ولم يبتعد سماحته ، على امتداد سنوات طويلة من النضال، عن هدفه الذي اختطه بدقة وصلابة ، لان الاسلام الذي عرفه وادركه ، معتبرا اياه مشعل نجاة الشعوب، هو اسلام ضدالظلم والتسلط ، ومرام حرية وكرامة الانسانية. وقد التفت سماحته ، من حيث (علم الاجتماع)، الى فطرة الانسان الالهية، وسعى الى تفعيل القوى والطاقات المودعة في الانسان ، على مسار اكتساب الكمال. لقد تجلى المحور الفكري هذا ، في تحول النضال الى صبغة شعبية واسلامية، وظهر على شكل تاسيس نظام (الجمهورية الاسلامية )، بانتصار الثورة الاسلامية ... فقد عرض الامام ، مؤكدا، ركني (الجمهورية)و (الاسلامية)، امام اراء الشعب ، حيث حظيا باغلبية ساحقة خلال الاستفتاء. فسماحته وفي خطب وكلمات عديدة ، اشار الى ان (الجمهورية )هي نفسها المتواجدة في كثير من الاقطار والمجتمعات ، بما تحمله من ديمقراطية ... وانبثاقها يتوقف على اراء افراد الشعب واحدا ...واحدا ، ویستدعی ذلك قيام احزاب ومكونات حرة واعلام حر، مستقل. ولم يكتف سماحته بالقول ان : " الميزان راي الشعب. " _ (صحيفة الامام.ج 8، ص144)، بل سعى الى ظهور تيارات مستقلة في هذا المجال ، لتتحول النبتة الفتية ل (الجمهورية )في ايران الاسلامية ، الى شجرة عظيمة مترامية الاغصان والثمار ... يدل على ذلك ، جوابه على رسالة مؤسسي مجمع رجال الدين المناضلين في طهران ، الذي اصبح خالدا (اي الجواب )في تاريخ الجمهورية الاسلامية. لقد اعتبر سماحته ، ان تضعيف الدعم الشعبي للنظام ، هو احد اهداف الاعداء والمناهظين المشؤومة ، حيث قال : " منذ انطلاق الثورة ولحد الان، يمثل ابعاد ابناء الشعب عن ميادين الثورة، واضعاف تمسكهم القوي باهداف الاسلام الاجتماعية والسياسية ، احد الاهداف الخبيثة والمشؤومة ، التي يسعى اليها دائما الاستكبار العالمي وعملاؤه الاجانب والمحليين. " _ (صحيفة الامام ، ج 21، ص 15)، مشيرا سماحته الى ان احد اسس واصول فكره السياسي، هي، التي عرضها بقوله: " ان ابناء الشعب وكما اعلنت كرارا، احرار في الانتخاب وليسوا بحاجة الى قيم او وصي ، ولا يحق لاي شخص او جماعة او فئة ، فرض شخص او اشخاص معينيين على الشعب. " _ (نفس المصدر ص 16)... ولان يتوضح ذلك اكثر، وان رؤية سماحته ليست مجاملة سياسية وشعارا عابرا ، نلفت النظر الى ما اضافه سماحته قائلا : " ان المجتمع الاسلامي الايراني الذي امن بفضل حكمته ووعية السياسي ، بالجمهورية الاسلامية وقيمها السامية ، وسيادة القوانين الالهية ، بقي وفيا لهذه البيعة، لا شك انه يمتلك القدرة على التشخيص وانتخاب المرشح الاصلح. " _ (نفس المصدر). .. فقد اعتبر سماحته ، ان الشعب الايراني ، ذو رؤية فاحصة للتمييز بين الطالح والصالح ، ولا يحتاج الى (سيد) يقوم على راسه ! وذلك يعني ، ترسيخ حق تقرير مصير الشعب بنفسه ، مما يبعث على تجذير الديمقراطية وسيادة الشعب الدينية.
_______
_ محمد كاظم تقوي ، موقع جماران.
_ القسم العربي، الشؤون الدولية ، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره).