رؤية الامام الخميني (قدس سره) للوحدة

رؤية الامام الخميني (قدس سره) للوحدة

بسم الله الرحمن الرحيم

       سماحة الامام الخميني (قدس سره)، هو، احد الشخصيات الكبيرة المنادية بالوحدة، بين كافة المسلمين على اختلاف مذاهبهم، لغاتهم، اعراقهم ومساكنهم في جميع اصقاع العالم، وقد قالها مرارا خلال خطبه ولقاءاته، منذ انبثاق الثورة الاسلامية المجيدة . فهو في مكانة رفيعة من الناحية الدينية والسياسية، لا تنحصر نظراته الصائبة في ذلك فقط، وانما هنالك نواح اخرى جمة، برز واجاد فيها كثيرا كالعرفان ... فرجل، كهذا، قاد ثورة اسلامية عظيمة، لا يمكنه النظر الى زاوية دون اخرى، فيما يتعلق برفعة المسلمين ووصولهم الى ما اراده الله تعالى لهم، من مجد وعظمة، وانما ديدنه حتى ارتحاله الى الملكوت الاعلى، وهاجسه، كان تكاتف واتحاد المسلمين وتضامنهم مهما اختلفت مشاربهم . فالوحدة هي سر الانتصار على كل عدو ... والتفرقة هي، النافذة التي يتسلل من خلالها الاعداء لنيل اهدافهم المشؤومة، لا سيما في فترتنا المعاصرة هذه . فالعدو، عدو مهما كان ... لا فرق بين الشيطان الاكبر، امريكا، وبين اقزامها من العربان، الابقار الحلوبة، واصحاب الانبطاح، والمهرولين للتطبيع، مع الصهاينة، سفاكي الدماء وقتلة الاطفال !؟ ... فعندما يذكر القران الكريم ..." ... اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " 103، ال عمران، انما يشير الى ضرورة الاعتصام والالتفاف حول (حبل الله) واتخاذه سبيلا ومنارا في هذا المسار، والابتعاد عن التفرقة، بكافة الوانها وصانعيها، فهي الشعار الاستعماري المشهور (فرق، تسد) ! ... لان السيادة والحكم وتمرير خطط الاستعمار الحديث البغيض، لا تتم الا بالتفرقة ... فرق بين شرائح الشعوب المختلفة، باية وسيلة تريد، لتحصل على ما تريد ! ... هذا هو المنطق الذي يتخذه السلطويون واتباعهم، ومن باع دينه وبلاده وحتى نفسه لهم بثمن بخس ! على ان يبقوه على كرسي الحكم والتسلط على رقاب الناس مهما كلف الثمن ! وما العداء والحقد الشديد، الذي يكنه هؤلاء للامام الخميني(قدس سره) والثورة الاسلامية الايرانية، الا دليل واضح على ذلك .

قال سماحته موصيا علماء المسلمین والامة الاسلامية جمعاء : " ... اوصي شعوب العالم الاسلامي، بان لا ينتظروا مساعدة احد من الخارج، لتحقيق اهدافهم في تطبيق احكام الاسلام، بل المبادرة للنهوض بانفسهم وتحقيق هذا الهدف الضروري، الذي سيؤمن لهم الحرية والاستقلال . ليبادر العلماء الاعلام والخطباء الموقرون في الدول الاسلامية، الى دعوة الحكومات لتحرير انفسها من التبعية للقوى الاجنبية الكبرى، وليتفقوا مع شعوبهم، فانهم، اذا فعلوا، عانقوا النصر لا محالة . "  (1) .

ان الملاحظ اليوم، هو، الهجمة الشرسة التي يشنها اعداء الاسلام على المسلمين، بشكل سافر، خاصة في فرنسا بلد الحريات المزعوم ! وتبني قادة هذا البلد، لترويج معاداة الاسلام، وانتهاز الفرص لوصف اتباع الدين الاسلامي القويم، باوصاف لا تليق الا بهم، وهرولة بعض الدول التي تدعي انها مسلمة، بامر من الطاغوت الاكبر، امريكا، لاقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الكيان الصهيوني المجرم، مما يدل على ابتعاد حكام الدول المذكورة وغيرهم، عن الاسلام الاصيل وتعاليم نبي الرحمة العظيم والمبشر النذير (ص)، واستقوائهم وحكوماتهم الهزيلة، حتى بمن لا يستطيع حماية نفسه من المجاهدين في سبيل الله ! ... اهكذا ارادالله تعالى للمسلمين ؟ ... فهل اريقت دماء الاحرار على طريق الاسلام، ليتربع طاغية من طغاة الاعراب، على عرش حكومة تطلق على نفسها انها حكومة اسلامية !؟ ... ام، هكذا اوصى به الرسول الاعظم (ص) امته، لتكون " ... خير امة اخرجت للناس " !؟ ... فلو اراد احد البکاء والنعي، على ما وصلت اليه حالة المسلمين عامة، والعرب خاصة، ففي هذه الفترة السوداء، التي تخيم على الامة الاسلامية ! حيث ان " المشكلة الرئيسية للمسلمين، تكمن في البعد عن الاسلام والقران ... وطالما لم يتحقق ما امر به القران، فعلى المسلمين انتظار المزيد من المعاناة " (2). .. الا انه يجب ان لا ننسى، انبثاق حركات اسلامية حرة، وظهور قادة مسلمين اشاوس، نذروا انفسهم للاسلام ... ووجود الكثير من ابناء الشعوب الاسلامية، وليس الدول المسماة اسلامية، على مسرح التضحية والثبات والانعتاق، بهدف ازاحة الستار عن الحقيقة، التي دفنها خونة المسلمين خلفه، مما يبشر بمستقبل باهر، لجرف هذه النفايات المعدية، ورميها وحاوياتها الى حيث لا تراها عين ولا تسمع بها اذن ! ... فمهما اثار الطغاة من فتن ونعرات طائفية وعنصرية، فان ذلك وبالاستعانة بالله عز وجل، مصيره الى مزبلة التاريخ ! حيث " ان من اخطر المسائل واكثرها ايلاما من القومية، مسالة اثارة الاختلاف بين الشيعة والسنة، وزرع بذور العداوة والفتنة بينهم ." (3) . ... فاين علماء الامة واين موقعهم اليوم، مما تتعرض له الشعوب الاسلامية من اباحة للحرمات وهتك للاعراض ؟ ... فهل انعم الله تعالى عليهم بالسمع والبصر، لان يدسوا رؤوسهم بالرمال، لالا يورطوا انفسهم، بما لا يريده حكامهم وسلاطينهم ؟ ويغضوا الابصار، ويتخذوا الصمم بديلا، عما يفعله اصحاب العروش العسجدية ؟ ... ام، ان دراهم البترول اعمت بصائرهم وابصارهم ؟ وجعلت منهم خصوما الداء لاخوانهم الشيعة ؟ الم يصلهم ما تطرق اليه الامام (قدس سره)، مهيبا ومحذرا ..." على اخواننا المسلمين من اهل السنة في كافة انحاء عالمنا الاسلامي، ان يعلموا جيدا ان اولئك العملاء والمرتبطين بالقوى الكبرى الشيطانية، لا يريدون الخير للاسلام والمسلمين، لذا على المسلمين ان يتبرؤوا منهم، وان لايصغوا الى اعلامهم المنافق وما يبثون فيه من سموم ." (4) . ان ما قامت به الجمهورية الاسلامية الايرانية، من خطوات في التصدي لموامرات السلطويين ومن لف لفهم، ومنها، تخليدها لميلاد الرسول الاعظم (ص) ... بوحدة المسلمين كافة، باسبوع، يجمع الاشقاء ويتيح لهم الفرصة للتعرف على بعضهم البعض، من سنة وشيعة، رغم انوف المنحرفين عن الاسلام الاصيل، المطبلين، المزمرين للشيطان الاكبر، امريكا، ... الا دليل دامغ على حيوية الاسلام ورسوخ جذوره، وعنفوانه وقوة عوده، وصلابة ابنائه ... وستنقشع سحب الظلام، باذن الله تعالى ... والغد الناصع والصباح الساطع، للمسلمين، متمسكين بنبيهم اشرف الرسل (ص)، " عبر توحيد صفوفهم ووحدة كلمتهم ورفع شعار (لا اله الا الله)، وانهاء معاناتهم تحت لواء الاخوة الاسلامية ." (5). ... وان غدا لناظره، لقريب .

______

1_ صحيفة الامام العربية، ج 21، ص 380.

2_ نفس المصدر، ج9، ص 107.

3_ نفس المصدر، ج 13، ص 159.

4_ نفس المصدر .

5_ نفس المصدر، ج 10، ص 113.

_______

د . سيد حمود خواسته _ القسم العربي _ الشؤون الدولية _ مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني (قدس سره).

ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء