استغرق التمهيد للحصول على تاشيرة لدخول العراق، حوالي الشهر. وفي الوقت الذي استانس فيه خالي (الامام موسى الصدر)، مع السيد احمد الخميني، توادعنا وغادرنا بيروت بالطائرة الى بغداد. حطت الطائرة في مطار بغداد منتصف الليل، حيث استاجرنا سيارة، عقيب الاجرا ءات القانونية في المطار، واتجهنا الى النجف الاشرف ووصلنا قبل اذان الفجر بساعة. بعد اجتيازنا عدة شوارع وازقة ضيقة، دخلنا بيت الامام (قدس سره). قبل خمس سنوات كنت قد شاهدت الامام، في حرم امير المؤمنین علیه السلام، لكن هذا، الان, يختلف عما سبق ! فلم يكن الامام بالنسبة لي عالما مبعدا او مرجعا فقيها، بل اني، اليوم، احد اعضاء اسرته وعندي طفل في السنة الاولى من عمره. كانت مواجهة الامام وكيفية ذلك، تثير لواعج شيقة عندي ! وكنت افكر فيها طوال السفر، واشغلت ذهني خلال المسير الى النجف الاشرف، ومحلة الحويش حيث منزل الامام (قدس سر ه)... مفكرة، كيف ستكون ردة فعل سماحته في هذا اللقاء الاول ؟ هل تظهر على ملامحه الابتسامة او الصرامة ؟
واخترقت مخيلتي عبارات قالها احمد حول الامام: ان الامام يفضل دينه على كل احد وكل شيئ حتى اعضاء الاسرة. واضاف مبتسما، دون اللجوء الى الدفاع او التعصب فيما يتعلق بذلك: ان سماحته هكذا، بغض النظر عن سلوكه هذا، اهو صواب ام لا... ؟... كنت في تلاطم من الافكار، عندما انتبهت الى صوت: من (انت)، بعد طرق الباب ؟... اجاب احمد: انا.
كانت لحظة رائعة عند قيام الامام بفتح الباب بنفسه، بسروال وقميص ابيض وقبعة سوداء على الراس, حيث دخلنا بعد تبادل التحيات. كانت افكاري متضاربة، حينها, حول ما سمعته عن الامام ورايته، مستعرضة ما قاله احمد حول سماحته. استبشر الامام (قدس سره) بنا، مستفسرا من احمد: اين كنا ؟... فاجاب : كنا في لبنان.
السيدة فاطمة الطباطبائي