أن هذه الحالات التي ترونها عند اشخاص امثال الامام الخميني ( رضوان الله تعالى علىه ) في سن تتراوح ما بين الثمانين و التسعين عاماً ، إنما هي استمرار لما اعتاد علىه في شبابه . إذ أن الامام كان قد عاد الى ايران و هو في سن التاسعة و السبعين تقريباً ، و بدأت الجمهورية الاسلامية انطلاقتها . و هذا يعني أن الامام أخذ على عاتقه المسؤوليات الجسام ، في وقت شارف فيه على الثمانين . ففي الوقت الذي كان يتقاعد الاشخاص في مثل هذا العمر و يختاروا العزلة و يفتقدوا الى أية رغبة للقيام بعمل ما ، نجد الامام في هذه السن يضطلع باعمال كبرى ،حيث يأخذ على عاتقه ادارة البلد ، بل و يؤسس لنظام حكم جديد و يمضي قدماً بهذا النظام خطوة خطوة . هذا من ناحية المشاغل و المسؤوليات الهامة .
أما من الناحية المعنوية ، فقد كان الامام ( رضوان الله تعالى علىه ) على هذا النحو ايضاً . لقد ذكرت ذلك مراراً . ففي العادة لم تكن هناك لقاءات للامام في شهر رمضان . طبعاً احياناً كنا ندهب خلال شهر رمضان للقاء سماحته على الافطار ، أو لدافع آخر . و لكن في الغالب كان الامام يلغي مقابلاته و لقاءاته في الشهر الفضيل . و نحن ايضاً كنا نلتقي سماحته في هذا الشهر أقل مما هو معتاد . و لكن بعد شهر رمضان ، عندما كان الانسان يرى الامام أثناء لقاءه الجماهير و التحدث اليهم ، يدرك بأن الامام اصبح اكثر نورانية خلال هذا الشهر . كان بوسع كل شخص أن يشعر بذلك بكل وضوح . . أن شيخاً عجوزا على مشارف التسعين ، كان لا يكف عن الحركة الدؤوبة في هذا الشهر، وكان يتفرغ للعبادة و التهجد و المناجاة بكل جدية ، لان الميدان يعتبر أكثر ملائماً .
( سماحة آية الله الخامنئي )