في الالفية الجديدة وعالمنا المعاصر وحركة المجتمعات نحو العولمة... تُعتبر الديمقراطية الحجر الاساس، في السياسة وادارة شؤون بلد ما، واذا ما اردنا، تقييم المجتمع وتطوره وكيفية نُموه، نُقيس ذلك بتحقق الديمقراطية فيه، وتنوع طرق سيادة الشعب وارتباطه بحكومته وما تقدمه الحكومة للشعب، باعتبارها منبثقة منه وخادمة له.
لقد تمكن الامام الخميني(قدس سره) بعد انتصار الثورة الاسلامية، ان يعرض نموذجاً مثالياً لسيادة الشعب وحكم نفسه بنفسه، حسب التعاليم والقيم الاسلامية ومدرسة التشيّع، مما ادى الى انحسار نظرية الاقتصاد كمحور اخلاقي ومعنوي للديمقراطية وحكومة الشعب، وارتكاز تحقق الديمقراطية وسيادة الشعب، على نظرية الامام الثورية منذ بدء النهضة الاسلامية في 15/3/1342 هـ.ش (5 حزيران 1963 م)، التي جعلت من الشعب بشرائحه المختلفة قاعدة لانطلاقها، حيث تم تطبيق النظرية المذكورة، ليس فقط، خلال مقارعة النظام الملكي والمجموعات الارهابية، بل وخلال الحرب المفروضة، ولم يكن الامام (قدس سره) في كل ذلك، طامحاً بمساعدة دولة ما او مساندتها له. ماكان في فكر سماحته، هو الاتكاء على قدرة الشعب وان يحكم الشعب نفسه بنفسه، في كافة الشؤون السياسية، الاجتماعية، الثقافية، الاقتصادية والامنية، وان يكون لكافة ابنائه حق انتخاب ممثليهم.
نتج عن ذلك، تعريفاً شاملاً للشؤون السياسية، جديداً على المجتمع، من اعلى مرجع للسلطة الى آخر سُلّم فيها سواء في انتخاب خبراء الدستور، وهي اول انتخابات بعد انتصار الثورة، او، استفتاء الدستور، او، انتخاب اعضاءمجلس خبراء القيادة، رئيس الجمهورية، مجلس النواب ومجالس المدينة... كُلها تدل على حنكة مؤسس ومعمار الجمهورية الاسلامية الايرانية.. وتدل، ايضاً، على ان سماحته، اكتسب حماية الشعب ومشاركة الشعب في ادارة شؤون نفسه بنفسه.
ومما قاله الامام الخميني (قدس سره) في هذا الصدد:
إنَّ على الأشخاص الذين تنبض قلوبهم في الحقيقة للإسلام ولوطنهم أن يعلموا أنَّ المنصب والمقام ليس معياراً سواء كان رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو رئاسة المجلس إذ كل هذهالمناصب ليست بشيئ وينتهي أمدها، وإنَّ ما يبقى هو الخدمة، فالمتديّن إينما كان إن وجد خدمة مناسبة لمقامه ازدادت ثقته، فلو رأى رئيس الوزراءمثلًا أنه يستطيع تقديم خدمة أفضل فيما لو كان في منصب آخر، فإن كان متديّناً ذهب للخدمة هناك، ولو أنَّ شخصاً يشتغل في الادعاءالعام ووجد من هو أفضل منه لإدارة هذا المنصب فليتخلَّ له عنه وليذهب الى مكان آخر إذ لا فرق عنده بين الموقعين لأن هدفه الخدمة لاالمقام والمنصب. (صحيفة الإمام الخمینی، ج19، ص: 317)