خلافاً لما كان قد اعتاد عليه الإمام في الحضور إلى مكتبه على رأسه الساعة الثامنة صباحاً، تأخر الإمام عن الحضور في صباح اليوم الذي كان من المفترض أن يأتي أدوار شيفرنادزه، وزير خارجية الاتحاد السوفيتي، للقاء الإمام وتسليمه ردّ الرئيس غورباتشوف على رسالته.. كان الوزير الروسي واقفاً برفقة المسؤولين في الخارجية الإيرانية ينتظرون قدوم الإمام.. وأخيراً وفي حوالي الساعة الثامنة والنصف، دخل الإمام وتوجه مباشرة إلى مكانه دون أن يلقي نظرة على أحد.. وزير الخارجية الروسي، وكونه رئيساً للجهاز الدبلوماسي للقوة الشرقية العظمى، والذي كثيراً ما شوهد بتقاطيع وجهه الجادة وحركاته الواثقة في المحافل الدولية الكبرى وخلال استضافته في القصور المجللة للقادة الغربيين؛ كان له وضعاً آخر في غرفة الإمام المتواضعة والبسيطة. إذ أنه ربما المرة الأولى التي يحضر فيها مجلساً رسمياً وقد خلع حذائه وأقدامه الحافية تطأ سجادة قديمة شاحبة اللون. اضف إلى ذلك ثمة رعشة خفيفة طغت على يده وهو يقرأ رسالة غورباتشوف. فمنذ اللحظة الأولى التي جلس على الكرسي كان وضعه غير مستقر، وكان ذلك مشهوداً من خلال عدم استقرار وضعية ساقية التي استمرت حتى اللحظة الأخيرة من قراءة الرسالة. وفيما عدا رأسه ويده المرتعشة، بقيت جوارحه متجمدة كالتمثال طوال فترة وجوده. حتى المترجم، الذي كان يجيد اللغة الروسية بطلاقة _ حسبما أفاد الذين سبق لهم أن تعاملوا معه _ كان مرتبكاً، وكان يحاول التغطية على إرباكه من خلال التنحنح والحركات المصطنعة.. على أية حال، بعد الانتهاء من ترجمة رسالة غورباتشوف، اعرب الإمام، مباشرة ودون أدنى تأمل، وفي ظرف دقيقة واحدة وفي كلمات موجزة، أعرب عن أسفه بكل صراحة وبعيداً عن أي تعارف، من أن السيد غورباتشوف لم يبد الاهتمام اللازم بالموضوع الرئيسي الذي تمحورت حوله رسالة الإمام. وبعد ذلك وفيما لم ينته المترجم بعد من ترجمة كلمات الإمام، نهض سماحته وغادر الغرفة. وبمزيج من الهيبة والسرعة في الحركة، لم يتسن لأحد التحرك من مكانه، فضلاً عن اعطاء الفرصة في تقبيل اليد والمصافحة.
*حجة الاسلام رحيميان