الامام الخميني (قدس سره)، خلال كلمة له في جمع من الوفد البحريني ورجال الدين في كردستان، في الثاني عشر من شهر تير 1358 هـ.ش. (1979 م) في قم، حذر سماحته من التشكيك بالاسلام، واعرب عن قلقه، واصفاً اياه باَنه ( اي القلق) اكبر واكثر من كان عليه خلال مقارعة الطاغوت. فيما يلي مقتطفات من كلمته حول ذلك:
"ما له أهمية الآن في نظري، وأهمية حيويّة أعني أنّ حياة الإسلام مرتبطة به، هو ماذا نفعل من الآن فصاعدا؟ فلنعيِّنْ واجبنا، فما مضى مضى، وبحمد الله مضى بخير. ماذا نفعل ليمُرَّ من الآن فصاعداً بخير أيضا؟ وما يهدِّدنا الآن، ويبعثنا على القلق، وقلقنا منه أكثر ممّا كان لدينا من القلق الماضي من مكافحة الطاغوت، وهو أنّ هناك عِدَّة بين الشعب يريدون أن يظهروا هذه الثورة الإسلامية في مظهر سيِّئ، أي أنهم يريدون أن يعرضوا هذه المدرسة الإسلامية على الدنيا بمعرض هذه المدارس الأخرى وصورة الأنظمة الفاسدة الأخرى، ولا فرق إلّا في أنّ القدرة كانت بيد جماعة كانوا يعملون سوءاً، وهي اليوم بيد جماعة أخرى تعمل ذلك السوء.
ومثلما كنّا نكافح الطاغوت وقد اجتمعتم في الكفاح أنتم أيّها الشبّان وطبقات الشعب معاً ومضيتم إلى الأمام، ولو هُزِمْنا في ذلك الوقت لقُتِلْنا قتلًا ذريعاً، وما كان هذا مهمّاً، لأنّه كان في طريق الحق وحفظ مدرستنا، وبذلنا ما استطعنا، لكنّ طاقتنا لم تبلغ المراد، وغلبنا أولئك مثلما أنّ كثيراً من أولياء الحقّ غُلِبوا، لكنّ المدرسة كانت محفوظة. فسيّد الشهداء- سلام الله عليه- هو وكلّ أصحابه وعشيرته قُتِلوا، لكنّ مدرستهم تقدّمت، ما انهزمت مدرستهم، بل انتصرت، أي: هزمت بني أميّة إلى الأبد، فقتل سيِّد الشهداء، أي ذلك الإسلام الذي أراد بني أميّة أنْ يُظهروه سيِّئاً وبادّعائهم بالخلافة عملوا على خلاف كل الموازين الإنسانية كان نصراً عظيما، فذلك التضليل هزمه سيّد الشهداء- سلام الله عليه- بسكب دمه، هزم ذلك النظام الفاسد، مع أنّه قُتِل. ولو أنّنا هُزِمنا في نضالنا ضد النظام السابق، وبقيت مدرستنا محفوظة غير ممسوسة، وكنّا قد قُضِي علينا، لما كان لذاك أهميّة، فسيِّد الشهداء أيضاً قُتِل، وأمير المؤمنين في محاربة معاوية هُزم.
ونحن الآن عند مفترق طريقين، وهذا مهمّ وذلكما الطريقان هما: ماذا نفعل لتبقى مدرستنا مصونة؟ وما الأعمال التي تذهب بمدرستنا مع الريح؟ وأنتم أيّها الحرس الأعزاء المحترمون يا من نحبّكم وننظر ما تعملون؟ ما الأعمال التي تصدر عنكم في هذا النظام الذي هو إسلاميّ الآن، هو الآن جمهورية إسلامية، فبلادنا الآن نظامها صار جمهورية إسلامية بالاستفتاء، فإذا ارتكبنا الآن ما يخالف الموازين الشرعية ومعايير العدالة، وتعدَّى شابٌّ مثلًا على أحد، فدخل بيته دخولًا قبيحاً على أنّه من حماة الإسلام، لا يُحتسَبُ عمله اليوم عليه، وإنّما على الإسلام، يقولون: هذا هو حارس الإسلام. كانت الشرطة السرّية تمارس هذا العمل في النظام السابق، وحرس الإسلام يمارسونه اليوم في النظام الحاضر. لو يحسب المنكر على ذمَّة فاعله، وتبقى المدرسة مصونة ولا يُنْسَب الفعل إلى للإسلام، فلا إشكال، فالفاسد في الدنيا كثير، ومخالفو الموازين كثير. أمّا إذا رأينا أنفسنا حرس الإسلام نحن الذين في لباس علماء الدين وأنتم في لباس الحرس- وكلّنا إن شاء الله حرس الإسلام- وصدر عنّا اليوم من هذه الطبقة ومنكم من هذه الطبقة، ومن السادة وتلك الطبقة خلاف للموازين، فإنّ الأقلام السامّة تشدّ العيون إليه، وتزيد عليه ألف زيادة، وتنسبه للإسلام، لا لكم ولا لي. فلو فعلت يوماً خلافاً، وقالوا: الخمينيّ إنسان مخالف للعقل والإسلام، فلا إشكال في هذا، فكثير من الناس مخالفون، وأنا أحدهم. أمّا إذا عملت شيئاً، وقالوا: هذا هو النظام الإسلاميّ، أو عمل أحد- والعياذ بالله- شيئاً، ونُسِبَ للإسلام، وقيل: هذه هي حكومة الإسلام، فهذا هو الخطر.
أولئك الذين جلسوا، ولفتوا الأنظار الآن في الداخل والخارج، ليناقشوا في شيء منكم أو منّي أو من سيِّدٍ ما، من علماء الدين أو من الحرس أو اللجان، أو محكمة الثورة، أو الحكومة من كل هؤلاء. فإن رأوا شيئاً جعلوه ألفا، ولا يحسبونه عليَّ وعلى فلان، وإنّما على الإسلام. فمدرستنا اليوم في خطر. إذا كان النظام قبلًا كانت مدرستنا آمنةً ونحن في خطر. ولو خالفنا هؤلاء في عهد الطاغوت وقتلونا لا ضير في ذلك، ولو ارتكب معمّم خلافاً في ذلك العهد، لما قالوا: هذا هو الإسلام، بل كانوا يقولون: هذا شرطيّ سرِّي، ولا ينسبونه إلى الإسلام. ولو صدر الآن شيء عنكم أنتم حرس الإسلام أو عنا ونحن حرسه أيضا، لرفع هؤلاء المتربِّصون بنا السوء أقلامهم ليخطّئوا مدرستنا، ليخطئوا الإسلام كاتبين هنا تلميحاً وفي الخارج تصريحا. وتبوء مدرستنا يوماً بالهزيمة. وهزيمة المدرسة هي المصيبة الكبرى." (صحيفة الامام، ج 8، ص284-285).