ما هو التنبيه المهم الذي وجّهه الإمام إلى مجلس صيانة الدستور؟

ID: 85018 | Date: 2025/12/29


في الثامن من شهر دي سنة 1367 هـ.ش (في التاسع والعشرين من كانون الاول 1988م)، وجّه الإمام الخميني (قدس سره) تنبيهًا مهمًا وأبويًا إلى مجلس صيانة الدستور حول ضرورة مراعاة دور الزمان والمكان في الاجتهاد.


أن جهود الإمام الخميني (قدس سره) وجهاده خلال عشر سنوات في قيادة وهداية نظام الجمهورية الإسلامية، والتي كانت قائمة على سعة الصدر، وعمق الرؤية، واستشراف المستقبل، وفهم الموقع وتشخيص الظروف بدقة، شكّلت فصلًا ذهبيًا وجديدًا تمامًا في الحياة السياسية، وأصبحت نموذجًا ومرشدًا للخروج من الأزمات والانسدادات الاجتماعية في كل عصر.


وتُعدّ رسالته في الثامن من دي سنة 1367 (التاسع والعشرين من كانون الاول 1988)إلى أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام، والمتعلقة بحدود صلاحيات ذلك المجمع، وما تضمّنته من تنبيه لمجلس صيانة الدستور، من أبرز هذه المواقف. ففي هذه الرسالة، ومع الإشارة إلى ظهور ظروف جديدة نتيجة أوضاع الحرب، أكّد الإمام على ضرورة طرح بعض القضايا المتعلّقة بمصوبات مجمع تشخيص مصلحة النظام وتعديل نظامه الداخلي عبر القنوات القانونية، ووجّه تنبيهًا هاديًا إلى مجلس صيانة الدستور.



ونص رسالة الإمام كما يلي:



بسم الله الرحمن الرحيم


إلى حضرات السادة أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام المحترمين – دام فيضهم –


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع الدعاء والتمنّي بالتوفيق لذلك المجمع الموقر.


نظرًا إلى أن أوضاع الحرب قد وصلت إلى مرحلة لم يعد فيها أي أمر يتمتّع بتلك الدرجة من الاستعجال التي تبرّر طرحه مباشرة في المجمع من دون عرضه على مجلس الشورى الإسلامي وإشراف مجلس صيانة الدستور، رأيت من اللازم أن أذكّر بعدة نقاط:


إنّ ما تمّ إقراره حتى الآن في المجمع يبقى نافذًا ما دامت المصلحة قائمة.


ما هو قيد الإقرار، فإنّ أمره بيد المجمع نفسه، يقرّه متى ما رأى ذلك مناسبًا.


بعد ذلك، لا يُرجع إلى المجمع إلا في الحالات التي يقع فيها الخلاف بين مجلس الشورى الإسلامي ومجلس صيانة الدستور، وذلك وفق الكيفية التي نصّ عليها النظام الداخلي المصادق عليه للمجمع.


ويبقى العمل بالمادة الخامسة كما عدّلتُها – حيث ينعقد الاجتماع بحضور سبعة أشخاص – كما هي.


كما تُعدَّل المادة العاشرة على النحو التالي: تُحذف كلمة «مجدّدًا» ويُستعاض عنها بعبارة «مرة واحدة فقط».


وأوجّه تنبيهًا أبويًا إلى الأعضاء الأعزاء في مجلس صيانة الدستور، بأن يضعوا هم أنفسهم مصلحة النظام نصب أعينهم قبل الوقوع في هذه الإشكالات؛ لأن من أهم المسائل في عالمنا المضطرب اليوم هو دور الزمان والمكان في الاجتهاد ونوع اتخاذ القرارات.


فالحكومة هي التي تحدّد الفلسفة العملية لمواجهة الشرك والكفر، ولمعالجة المشكلات الداخلية والخارجية.


وإنّ هذه المباحث الحوزوية المدرسية، المحصورة في إطار النظريات، لا تؤدي فقط إلى عدم حلّ المشكلات، بل تجرّنا إلى طرق مسدودة تنتهي إلى مخالفة ظاهرية للدستور.


وعليكم – مع ضرورة بذل كل الجهد لمنع وقوع أي مخالفة شرعية، وحاشا لله أن يحدث ذلك – أن تبذلوا أقصى ما تستطيعون كي لا يُتَّهم الإسلام، لا سمح الله، في التعقيدات الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والسياسية، بالعجز عن إدارة العالم.


أسأل الله تعالى أن يوفّق جميع أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام المحترمين لخدمة الإسلام على أفضل وجه.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


8 / 10 / 1367


(التاسع والعشرين من كانون الاول 1988)


روح الله الموسوي الخميني


-------------


القسم العربي، الشؤون الدولیة.