إعادة قراءة المدرسة الأخلاقية للإمام الخميني (قده) في ماليزيا

ID: 84607 | Date: 2025/11/08
انعقدت أمس 16 آبان 1404 (٧ نوامبر ٢٠٢٥) ندوةٌ تمهيدية افتراضية لـ«جائزة الإمام الخميني (قده) العالمية»، باستضافة المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في ماليزيا، وبمشاركة نخبة من المفكرين الإيرانيين والماليزويين.



وبحسب ما أعلنته العلاقات العامة للمستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في ماليزيا، فقد انعقدت الندوة يوم الجمعة 16 آبان 1404 (٧ نوامبر ٢٠٢٥)، الساعة 15:00 بتوقيت ماليزيا (10:30 بتوقيت إيران)، تحت محور «نشر الأفكار الأخلاقية للإمام الخميني (قده) في الساحة الدولية»، وبحضور شخصيات علمية بارزة من إيران وماليزيا.



وقد ألقى الكلمات في هذه الجلسة كل من حجّة الإسلام والمسلمين علي كمساري، رئيس مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني (قده)، والبروفيسور تشيغو عزمي عبد الحميد، رئيس منظمة «ماپيم» في ماليزيا ومستشار رئيس الوزراء، وكذلك الدكتور حبيب رضا أرزاني، المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في ماليزيا.



وقال كمساري في مستهل حديثه: في عصر طغت فيه القوة المادية على الوعي الأخلاقي، تشكل تعاليم الإمام روح الله الخميني تذكرةً بحقيقة أنّ أساس الحضارة الإسلامية يقوم على الأخلاق. وكان الإمام الخميني يرى الثورة الإسلامية لا بوصفها حركة سياسية فحسب، بل إصلاحاً روحياً وأخلاقياً عميقاً يعيد تعريف علاقة الإسلام بالعالم.



وأضاف: كان الإمام يرى أن الأخلاق جوهر كيان الإنسان، ويؤكد أنّ العلم إذا انفصل عن الأخلاق يقود إلى الكبر والظلم. وكان يعتبر القيادة نوعاً من الرعاية الأخلاقية التي تستمد مشروعيتها من الاستقامة والتقوى.



من جانبه قال الأستاذ عزمي عبد الحميد: كان الإمام الخميني ينظر إلى العلم والفلسفة من منظور أخلاقي عميق، وكان يحذر من انحراف العلم إذا ابتعد عن البعد القيمي. ومن وجهة نظره فإن مجتمعاً يتقدم تكنولوجياً بينما ينهار أخلاقياً، إنما يسير في طريق الفناء.



وأكد في ختام كلامه أنّ نشر الأخلاق عند الإمام الخميني يعني إعادة بناء الحضارة على أساس العدل والتواضع والمسؤولية، وأن هذا الإرث الأخلاقي ما يزال يوقظ ضمير الإنسانية ويواجه غطرسة القوة.



ثم بدأ الدكتور حبيب رضا أرزاني حديثه بالتأكيد على مركزية الأخلاق في حياة الإنسان. وقال: كان الإمام الخميني يرى أن الأخلاق هي جوهر الإنسانية ومعيار الحضارة الحقيقي. والأخلاق عنده ليست عادات اجتماعية أو سلوكاً ظاهرياً فقط، بل منظومة تربوية روحية تشمل الفرد والمجتمع.



وأشار أرزاني إلى الجذور القرآنية والنبوية للأخلاق في فكر الإمام، مستشهداً بقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ»، مبيناً أن الإمام كان يجعل إصلاح النفس أساس كل تغيير اجتماعي.



واستشهد كذلك بحديث النبي صلى الله عليه وآله: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، موضحاً أن الرسالة النبوية كانت ثورة أخلاقية تهدف إلى إيقاظ ضمير الإنسانية.



وبيّن أن من أهم تعاليم الإمام إحياء مفهوم «الجهاد الأكبر»، حيث اعتبر مكافحة النفس مقدمة لكل مواجهة خارجية، وأن المجتمع العادل لا يقوم إلا إذا انتصر الإنسان على أهوائه.



وأضاف: كان الإمام يرى أن الأخلاق هي الموجّه للسياسة والاقتصاد والتعليم، ويحذر من أن السلطة إذا انفصلت عن الأخلاق فإن حتى أكثر المجتمعات تقدماً ستؤول إلى الانهيار. وكان يعتقد أن إصلاح الأمم يبدأ من شبابها، وأن التربية الأخلاقية هي أساس بقاء الشعوب.



وأكد أرزاني أن الفكر الأخلاقي للإمام، وإن كان منطلقه إسلامياً، إلا أنه يتجاوز الحدود الدينية والثقافية، إذ إن تركيزه على الصدق والتواضع والعدل والرحمة وضبط النفس يتوافق مع المبادئ الأخلاقية المشتركة لدى الحضارات الكبرى، ويمكن أن يشكل لغة للحوار بين الأمم.



وقال: في هذا العصر، تحتاج البشرية أكثر من أي وقت مضى إلى العودة إلى الروحانية والأخلاق. إن رسالة الإمام الخميني دعوة عالمية للتعايش والعدالة والسلام، وهي رسالة يستطيع كل إنسان حر أن يتفاعل معها.



وختم قائلاً: إذا تم ترسيخ هذه القيم في التعليم والسياسة والإعلام ونمط الحياة، يمكن أن نشهد نشوء حضارة أكثر إنسانية وعدلاً، حضارة تقوم على كرامة الإنسان ومحبة الآخر. ففي عالم يعاني من المادية والتيه الأخلاقي، تشكل رسالة الإمام دعوة إلى يقظة روحية. فإذا أصلح الإنسان قلبه أزهرت أسرته، ونهض مجتمعه، وسار العالم نحو السلام والطمأنينة.



واختتمت الجلسة بتلاوة مقتطفات من كلمات الإمام الخميني (قده)، وبكلمة ختامية شددت على ضرورة العودة إلى الأخلاق في العلاقات الإنسانية والسياسية والثقافية.


-----------


القسم العربي، الشؤون الدولية.