من اقترح على الإمام الهجرة إلى باريس؟ / المرحوم السيد أحمد يروي القصة

ID: 84323 | Date: 2025/10/08


تحت الضغوط المتزايدة من حكومة العراق، وإغلاق الكويتيين الحدود أمام الإمام، كان عليه أن يختار وجهة بديلة. يروي المرحوم السيد أحمد هذه القصة.


بحسب مراسل جماران، فإن هجرة الإمام الخميني الحاسمة من النجف إلى باريس كانت بمثابة بداية انهيار ركائز النظام الملكي في إيران، وإطلاق صفارات هزيمة أمريكا في أقوى وأكثر معاقلها أمانًا. في هذه الهجرة، كان “المرحوم السيد أحمد” مستشارًا ومرافقًا لوالده، وكان هذا الدور ظاهرًا وفعّالًا إلى درجة أن الإمام – رحمه الله – في وصيته الخالدة أشار إلى أن “أحمد” كان المستشار الوحيد لذلك الحدث التاريخي. 


في ما يلي مقتطفات من روايته لتفاصيل الهجرة:


 «سبب هجرة الإمام إلى باريس يعود إلى الأحداث التي سبقتها بعدة أشهر. مع اشتداد نضال الشعب الإيراني، عقدت حكومتا إيران والعراق عدة اجتماعات في بغداد، وخلصتا إلى أن نشاط الإمام لم يعد خطراً على إيران فحسب، بل أصبح خطرًا على العراق أيضًا. اهتمام الشعب العراقي بالإمام، ومشاعر الزوار الإيرانيين، لم يكن من السهل أن تتجاهلها بغداد.


ومن ثم طلبوا من الأخ العزيز السيد دعائي أن يعرض بوضوح وجهات نظر مجلس الثورة العراقي على الإمام. السيد دعائي عرض على الإمام ما يلي:


1. يمكنكم الاستمرار في العيش في العراق كما في السابق، لكن من الأفضل ألا تشاركوا في النشاطات السياسية التي قد تؤدي إلى توتر العلاقات بيننا وبين إيران.


2. إذا استمررتم في النشاط السياسي، فلابد أن تغادروا العراق.


الإمام كان قد حسم أمره، فطلب مني جلب جواز السفر الخاص بي وبه، وقد فعلت ذلك.



بعد ذلك، جاء سعدون شاكر (رئيس جهاز الأمن العراقي) إلى الإمام وأبلغه رسائل حول العلاقات بين إيران والعراق، والأوضاع في العراق والمنطقة، إلا أن الرسالة في نهايتها كانت مشابهة لما قيل سابقًا…


الإمام قال: “أينما أذهب، إذا بسطت سجادتي، فذلك منزلي.” وقال أيضًا: “أنا لست من أولئك العلماء الذين يتوقّفون عن الفعل …


حينها قررنا السفر إلى الكويت، وأعلمنا بعض الأصدقاء المقربين في النجف بهذا القرار. أُعدت الدعوات، ثم تحركنا صباحًا بعد صلاة الفجر.



في منتصف الطريق اقترب مني شخص (غير معمم) ولفت انتباهي، وكان هو الدكتور يزدي، جاء ليأخذ رسالة من الإمام إلى جمعيات إسلامية في كندا والولايات المتحدة، ولم يكن يعلم شيئًا عن الهجرة حينها.



عند وصولنا الحدود العراقية – الكويتية، واجهنا رفضًا من المركز، فعدنا. وظللنا منتظرين من بعد الظهر حتى الحادية عشرة ليلًا…



في تلك الليلة، قررنا، وبإذن الإمام، التوجّه إلى بصرة حيث قضينا الليل في فندق، وبالرغم من تعب الإمام، استيقظ بعد ثلاث ساعات للصلاة.



الإمام قال: “سوريا” كخيار أول، لكن إن رفضت، فإلى أين؟ الدول المجاورة توفرت فيها موانع الفيزا أو المعارضة.


اقترحتُ باريس، لأن توقفنا القصير هناك قد يكون مثمرًا، وسيتمكّن الإمام من إيصال رسالته إلى العالم بشكل أفضل. الإمام وافق.



عندما أخبرتهم الجهات العراقية بطلب وجهتنا، قلت لهم “باريس”.



وصلنا إلى باريس، وفي تلك الليلة جاءوا من قصر الإليزيه وقالوا: “لقد واجهنا هذا الأمر، سواء أردنا أو لم نرد، آية الله قد حضر.” الإمام ردّ بأنهم لا يحق لهم التدخل بأي شيء… وأكد أنه سيُصبح ميدانًا لتعريف الناس بما يجري في إيران وإيصال صوت الشعب المظلوم إلى العالم.



هكذا أصبح “نوفل لوشاتو” مركز الأخبار في العالم. رجل من الشرق جاء ليُسمع صوت الثورة، مظلوميات العالم الإسلامي، ويدافع عن شرعية الثورة الإسلامية في قلب أوروبا.


الشمس المشرقة ترافق وجه الخميني العظيم في هذه الهجرة الكبيرة، تحت اسم أحمد المبارك.


--------


القسم العربي، الشؤون الدولية.