حينما كنت في باريس كانت تأتيني جماعة ممن يتصفون بحسن النية، ويعتقدون أنهم ناصحون، فكانوا يقولون لي: [إنّ هذا العمل (الثورة) ليس عملًا صحيحاً لأنه لا يصل إلى نتيجة مطلوبة لأننا لا نمتلك القدرة والقوة التي يمتلكها النظام].
وقد أراد هؤلاء بظنهم أن يصرفوني عن مواصلة المسيرة، فكنت أقول لهم: إننا نعمل بتكليف شرعي ومعلوم، والعمل بالتكليف الشرعي لا يشترط فيه الوصول إلى النتيجة، فإذا وصلنا إلى النتيجة، فذلك حسن. وعلينا أن نحمد الله- تعالى- على العمل بما أملاه الشرع وادت لم نستطع الوصول إلى الغاية وخبنا في ذلك. فإننا لسنا أعلى مقاماً من امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه منذ أخفق. لكنه عمل بتكليفه الشرعي وأنجز ما كلف إنجازه. إننا أخفقنا حين أداء واجباتنا وإنني الآن أقول: نحن لا نخاف من هذا الصخب لأننا متفائلون بشعبنا المتحد والمجتمع على غاية صحيحة واحدة. لذلك لا يستطيع أحد ان يفرض عليه غير ما يريد أو ان يتغلب عليه. ولو فرضنا أن يتغلب العدو علينا، ويبيدنا من الوجود (وهذا آخر ما يستطيع العدو فعله، ولا يستطيع أكثر من ذلك) تكون قد أبدنا ونحن في حال خدمة الوطن والإسلام. وأرجو أن تكون نوايانا خالصة حينذاك.
والمهم أنّ موتنا سيكون في حال إنجاز الواجبات وتقديم الخدمات وهذا أمر فيه ما فيه من القيم المعنوية. إننا لن نستسلم بلا جهاد. فأما أن يهجموا علينا ويبيدونا وإما أن نواصل مسيرة التقدم نحو الغاية المنشودة إن شاء الله- تعالى. إنني أرجو أن توفقوا وتواصلوا المسيرة بهذه القدرة الإسلامية، وهذا الإيمان الراسخ.
وإنكم ستصدّرون إن شاء الله- تعالى- هذه التحفة الإلهية إلى جميع الشعوب المستضعفة.
أرجو من الله تعالى أن يجعلكم سالمين
------------------
القسم العربي، الشؤون الدولية، صحیفة الامام العربية ،ج۱۱،ص ٦٩.