لماذا لم تقبل ايران الاقتراحات المتوالية للمنظمات الدولية ووفود الوساطة، لوقف اطلاق النار، خلال الحرب المفروضة من قبل النظام العراقي الصدامي البائد على ايران؟

ID: 40086 | Date: 2021/09/28
لماذا لم تقبل ايران الاقتراحات المتوالية للمنظمات الدولية ووفود الوساطة، لوقف اطلاق النار، خلال الحرب المفروضة من قبل النظام العراقي الصدامي البائد على ايران؟


الجواب:
لقد وعد صدام حسين قواته بفتح المناطق التي حددها وخلال ثلاثة ايام فقط! وانهاء الحرب بعد ذلك مباشرة! ولم يخطر بباله، حسب ماخطط له، انّ تكون الحرب.. حرب استنزاف ولمدة طويلة ليستعد لذلك! الّا ان الدفاع المقدس للشعب الايراني، اوقف الجيش العراقي عند حده! وقد فشل العسكريون البعثيون بتحطيم الخطوط الدفاعية الايرانية رغم محاولاتهم العديدة، بعد تكبدهم خسائر فادحة، حيث لم يكن ذلك فيما خططت له اميركا.. التي تحملت هزيمة مرة في هذا المجال، مما تسبب في ايجاد الضغوط سياسية جديدة على ايران بقيادة حكام البيت الابيض، عن طريق المجامع العالمية والدول العربية.. فهم، وبدل ان يستنكروا هذا العدوان السافر، بدأوا بالضغط على ايران لقبول وقف  اطلاق النار المقترح! انّ قبول وقف اطلاق النار، في هذه الظروف، اذن، لا يعني سوى اهداء جائزة لصدام وتمهيد الطريق لينال صدام واعداء الثورة ما لم يستطيعوا الحصول عليه خلال الحرب. ايران لم تبدأ الحرب، لتقبل، هي، بانهائها! لقد بدأت ايران بالدفاع لوقف تقدم العدو، في اصعب الظروف، في الوقت الذي احتل فيه العراق عشرات المدن ومئات القرى ومناطق نفطية واسعة في غرب وجنوب البلاد.. والاف الكيلومترات من التراب الايراني.. ان صدام لم يكن يريد وقف الحرب، الّا لتأهيل نفسه مرة اخرى والهجوم على ايران ثانية، اضافة الى انه لم يكن اي من المقترحات حاوياً ضمانات للانسحاب خلف الحدود، بل، بالعكس من ذلك، فانه كان يدّعي انّ ما احتله العراق من مناطق واسعة ومناطق اخرى لم يحتلها بعد، يجب ضمّها الى الاراضي العراقية! فقد قال الامام الخميني (قدس سره)حول ذلك:
"إنكم رأيتم ورأينا كيف أن صدّام وبعد كل هذه الجرائم وإراقة الدماء، وقتله للأبرياء يطالب الآن بوقف لإطلاق النار، طبعاً هذه حال كل مجرم معتدٍ بعد إرتكابه المجازر، فإنه يرغب بتهدئة الأوضاع لفترة من الزمن، كيما يتسنى له الإستمرار في سفك الدماء، بعد إعادة تأهيل جيشه ومده بالعتاد الجديد، من خلال الدعم الذي يتلقاه من الأشرار والمجرمين من أمثاله، ولكن شعبنا وقواتنا المسلحة لن يتوقفوا عن القتال حتى تحقيق النصر النهائي والإنتقام للجرائم التي إرتكبها حزب البعث الكافر وسيستمرون في الحرب ببسالة ولن يعتنوا بألاعيب اللصوص الدوليين ولن يولوها أي أهمية."
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏13، ص: 200


في هذه الظروف.. قبول ايران لوقف اطلاق النار، يعني بقاء العراق المعتدي في عمق التراب الايراني، حيث تضطر حينئذ ايران سنوات، لاعطاء امتيازات، لتحرير كل شبر من اراضيها المحتلة، وتستجدى من المجامع العالمية والمهرّجين السياسيين ذلك ولاسيما،العامل الرئيسي لبدء الحرب، امريكا، ان ينسحب العراق من اراضيه المحتلة! لذا، فان الامام الخميني (قدس سره)، مشيراً الى ما قام به صدام من جرائم ووجوب الوقوف بوجهه، قرر عدم وقف اطلاق النار، وعزمه والشعب الايراني على ادامة الحرب المفروضة والدفاع حتى ينسحب المعتدي الى الحدود المعترف بها وتقبُّل ما الحقه من خسائر بايران، حيث يقول:
"أنتم تعلمون أننا منذ أن بدأت هذه الحرب وحتى الآن، سواء في ذلك اليوم الذي كان صدام يدق فيه طبل القادسية وسواء اليوم، حيث لم يعد له اسم، ورحل إلى حيث يعلم الله، إن قضايانا كانت قضايا واحدة؛ والسبب في ذلك أن القضايا التي قلناها لم تكن قضايا كنا نريد فرضها، لقد كانت قضايا عندما نعرضها على جميع عقلاء العالم وجميع مقاتلي العالم، فإنهم يتقبلونها.
لقد كنا نقول منذ البدء انكم اجتحتم بيتنا، ومدننا، وبلدنا، هاجمتمونا ودخلتم على حين غفلة بلدنا وتسببتم في كل ذلك الدمار، وارتكبتم كل تلك الجرائم وكل تلك المذابح، وعليكم أن تخرجوا. أي إنسان يمكن أن يقول أن هذا الشرط، هو شرط مفروض؟ لقد دخل لص بيتنا، وسرق أثاثنا، وجمعها، ثم يقول: تعالوا لنتصالح، وهذه الأموال لي! هذه هي الحقيقة؛ لقد كانوا لصوصاً اجتاحوا هذا البلد ونهبوا كل ما كان في هذه المدن.. كل ذلك الخراب غير المعهود في أي مكان.. ونحن نقول إنكم دخلتم [بلدنا] وارتكبتم كل هذه الجرائم، وانتم تدعوننا الآن لأن نتصالح؛ إذا تصالحنا فإن هذا يعني أن خوزستان لكم، وأن المقدار الذي نهبتموه لكم. كلا، أبداً، فلا أحد يقبل بذلك، نحن نقول إن عليكم أن تخرجوا دون قيد وشرط..  فإن أردتم أن يكون هناك تفاهم، فعليكم أن تخرجوا.
القضية الثانية هي قضية الأضرار التي ألحقوها بنا. فقضية التعويض عن الأضرار لها جانب مادي، وجانب سياسي ومعنوي. ورغم أن جانبها المادي كبير بالنسبة الينا، فقد دمروا جميع المدن وقوضوا كل ما كان لدينا وبالطبع فإن كل واحد من شبابنا تعادل قيمته جميع جيشهم ولكننا فقدناهم؛ ومع ذلك فإن القيمة المادية للقضية ليست كبيرة جداً، بل إن‏ القيمة المعنوية هي الأساس والقيمة السياسية للقضية. فإذا تقرر أن يأتي شخص، ويرتكب ما يحلو له من الجرائم وما يستطيعه، ثم يدعونا بعد ذلك إلى الصلح، ليخرج؛ حسناً، هل نتصالح! فلماذا إذن هذه الجريمة التي ارتكبتها؟ إننا إذا غضضنا النظر عن قضية معنوية؛ وشجعنا ظالماً ومجموعة ظالمة على أن يمارسوا [الظلم‏] مرة أخرى. فمن الممكن أن يعودوا غداً مرة أخرى ويرتكبوا نفس هذه الجرائم، ثم يقولوا بعد ذلك إننا مستعدون للتصالح مرة أخرى! وهكذا يستمرون في المخالفات ويردّدون الدعوة إلى الصلح! إن علينا أن نحول دون ذلك، يجب أن يحال دون مثل هذه الاعتداءات التي تحدث. ومن الحالات والجوانب التي يجب أن يحال دونها أن يعوّضوا عن جميع الأضرار التي تسببوا فيها، إنكم تقولون الآن- وهم كاذبون طبعاً- إننا سنخرج ونوافق على فلان، طيّب، فليخرجوا الآن، وليأتي الآن الخبراء وليحددوا المجرم. إننا إذا تركنا المجرم اليوم؛ اليوم حيث نمتلك القوة، [فإنه سوف يتجرأ] لقد كانت هذه هي قضايا منذ أن كان صدام يدّق الطبل الكذائي، واليوم حيث نمتلك زمام المبادرة، ولا يوجد هناك صدام، فاننا نقول نفس ذلك الكلام، وهو أن يعيّن المجرم. اذا كنا نحن المجرمين، فليقل العالم ما يريد لنا، واذا كانوا هم المجرمين، فيجب أن تصدر الاحكام وفق العدالة. نحن نريد العدالة. نحن لم نكن نريد الحرب منذ البدء. لو أن العراق لم يكن قد هاجمنا، لما دافعنا. ولكننا دافعنا، إننا لم نشن الحرب حتى الآن."
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج‏16، ص: 242